طريق الحرير أو طريق الخياش اختاروا!
في أبريل الماضي، ثم بعد ذلك في يونيو، تحدث وزير الديوان الأميري الشيخ ناصر صباح الأحمد، في لقاءين مع الإعلام، عن طريق الحرير ومشروع تطوير الجزر الكويتية باعتباره تفعيلاً لرؤية سمو الأمير لكويت 2035، ذكر وزير الديوان في اللقاءين أن دخل النفط لن يكفي الكويت بعد أربع سنوات إلا لدفع الرواتب، وهذه ليست معلومة جديدة نفاجأ بها، فقد ذكرها الكثير من المهمومين بكارثة تهاوي أسعار النفط قبل ثلاث سنوات، ومع ذلك لم تلق هذه الحقيقة الاهتمام المفروض، لا من المؤسسات الرسمية ولا الشعبية، وكأن الجميع مؤمنون بمعجزة قادمة حتماً تغير الواقع، وستعود بعدها الكويت والمنطقة إلى حالهما السابق، وهذه هي المصيبة وليست تهاوي أسعار النفط وقرب تلاشي أهميته، بعد هيمنة النفط الأميركي على سوق التصدير، المصيبة هي عدم الاكتراث وغياب القلق المشروع من القادم رغم كل التحذيرات المالية.الشيخ ناصر يتوقع أن مشروع الجزر سيوفر أكثر من مئتي ألف وظيفة لأبناء البلد، في وقت بدأت طوابير الانتظار لسوق العمل تتمدد زمنياً، وسيوفر دخلاً إضافياً قوياً لشريان الاقتصاد بالدولة، وشرح وزير الديوان المعالم العامة لمشروعه، مثل إنشاء هيئة عامة لإدارة المشروع، الذي سيشكل المستثمرون الأجانب 75 في المئة منها، وأن الأجانب "الذين سيستثمرون ويسكنون الجزر سيعطون بعداً أمنياً كبيراً للكويت..."، ثم تحدث عن ضرورة إقرار تشريعات تتناسب مع الاستثمار في المنطقة، وقد نفهم من هذا (ربما) استثناء الجزر من بعض نصوص قانون الجزاء الكويتي التي تحرم الخمور، وهذا منطقي جداً، فما الذي سيدفع السائح أو المستثمر الأجنبي كي يتخلى عن استثماره وسياحته بدول قريبة تراعي حريته الشخصية كي يستقر بدولة مثل الكويت بطقس درجة الحرارة نصف درجة غليان الماء، ولا يسمح فيها لغير مطاعم الفاست فود والقهوة والشاي وثقافة أدبيات تفسير الأحلام؟!
هناك الكثير من التحفظات والاعتراضات على مشروع طريق الحرير وتطوير الجزر، بعضها مشروع وبعضها مجرد مزايدات سياسية، لكن في النهاية لنفكر قليلاً في الخيارات الأخرى الممكنة، في وقت تنمو العجوزات المالية في الميزانية وتكبر بكل لحظة ككرة الثلج، بينما الحلول التي تطرحها الحكومة تقدم خطوة وتتراجع عشراً، خشية مواجهة واقع مر قادم لا محالة، ولتحقيق استرضاءات سياسية من قوى شعبية تحت ظل إدارة سياسية علمت الناس على مدى عقود ممتدة، ومن بداية عصر النفط، على أن تأخذ ولا تعطي، فلا ضرائب ولا مساهمة في الأعباء العامة، لأن هذا سيعني محاسبة السلطة، وتفردها بكل صغيرة وكبيرة في الدولة، لنصل بعدها لهذا الحال... هل هناك خيارات ممكنة ترمي بطوق نجاة تنقذنا من قادم اقتصادي مرعب...؟!يقيناً لا يوجد فهذه الكويت وليست سنغافورة ولا كوريا الجنوبية، ويبقى مشروع تطوير الجزر حلماً، وعلى وزير الديوان وغيره أن يعملوا كي يصبح الحلم واقعاً حقيقياً، وهذا ليس ترفاً اقتصادياً إنما قضية وجود أو عدمه.