قبول خريجي الثانوية وسياسة الاستثمار البشري
القبول في المؤسسات التعليمية المحترمة عملية علمية مدروسة تُركّز على النوع أولاً لا الكمّ، ولا تخضع للضغوط والتدخلات والمساومات السياسية، بل يتم تحديدها بناء على معايير وأسس وضوابط وشروط تضمن نوعية تعليم عالي الجودة يحقق متطلبات التنمية المستدامة وأهدافها، وينافس عالمياً، وإلا أصبح مجرد تعليم شكلي لا قيمة له، ضرره على المجتمع أكثر من منفعته.
العنصر البشري هو أغلى وأثمن وأعظم ثروة تملكها الدول، فالتنمية الإنسانية المستدامة هدفها تحسين مستوى معيشة الإنسان، وركيزتها أو محورها الأساسي هو الإنسان أيضاً، لهذا فإن سياسة استثمار الموارد البشرية تكون دائماً على رأس قائمة أولويات الدولة المتقدمة، إذ لا تنمية مستدامة، ولا تطور حقيقياً للمجتمع من دون الإنسان الواعي ذي الكفاءة العالية، والقدرات المتطورة، والمهارات المتميزة.من هنا تأتي أهمية التعليم المتميز في المراحل الدراسية كافة، فبدون التعليم لا يمكن أن يتقدم وعي الإنسان، وترتفع كفاءة الموارد البشرية، وتتطور مهارات الشباب وقدراتهم، والتعليم المتميز ذو الجودة العالية له مواصفات ومعايير وشروط محددة باتت معروفة على مستوى العالم، وينبغي على المؤسسات التعليمية في كل دولة الالتزام بها كي يمكن أن تحصل على الشهادات التي تمنحها الاعتماد الأكاديمي الدولي، ومن ضمنها الطاقة الاستيعابية للمؤسسات التعليمية التي تحددها كل مؤسسة بحسب ما يتوافر لديها من إمكانيات بشرية ومادية، فضلاً عن شروط القبول في كل تخصص من التخصصات العلمية التي توفرها المؤسسة التعليمية، ونسبة الأساتذة والهيئة الأكاديمية المساندة مقابل عدد الطلبة، وكذلك مدى توافر المختبرات، والمكتبات، والأجهزة والمعدات اللازمة للعملية التعليمية.
إذاً، فعملية القبول في المؤسسات التعليمية المحترمة هي عملية علمية مدروسة تُركّز على النوع أولاً لا الكمّ، ولا تخضع للضغوط والتدخلات والمساومات السياسية، بل يتم تحديدها بناء على معايير وأسس وضوابط وشروط تضمن نوعية تعليم عالي الجودة يحقق متطلبات عملية التنمية المستدامة وأهدافها، وينافس عالمياً، وإلا أصبح مجرد تعليم شكلي لا قيمة له، ضرره على المجتمع أكثر من منفعته.وبالنسبة لخريجي الثانوية العامة فمن حقهم الحصول على فرص تعليمية تتناسب مع تحصيلهم الدراسي وطموحهم المشروع، ومشكلة عدم قبول بعضهم أو قبولهم في تخصصات لا يفضلونها ليس سببها عدم رغبة المؤسسات الأكاديمية مثل جامعة الكويت، والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب في قبول جميع المتقدمين في التخصصات التي يريدونها، حيث إن لكل مؤسسة تعليمية شروط قبول محددة، وطاقة استيعابية معينة من المفترض ألا تتجاوزها نتيجة تدخل سياسي مثلما حصل من قبل، فذلك ينعكس سلباً على جودة التعليم الذي يتلقاه الطلبة، وبالتالي، على التقييم الذي تقوم به منظمات أكاديمية دولية.مشكلة عدم قبول جميع خريجي الثانوية العامة ليست مجرد تعقيدات إدارية مسؤولة عنها مؤسسات تعليمية قائمة، فذلك هروب من مواجهة مشكلة أعمق تواجه الشباب وتتضخم سنة بعد أخرى. المشكلة ناتجة عن فشل سياسة الحكومة في استثمار الموارد البشرية الوطنية، وما يسببه ذلك من هدر للطاقات البشرية الثمينة، وهو الأمر الذي يتطلب معالجة جذرية بدلاً من الحلول الترقيعية، والمُسكّنات المؤقتة.