في الذكرى السابعة والعشرين لاحتلال الكويت، عمّ تكتبون ونكتب معشر الكتّاب؟ عن غزوٍ بتنا نتباكى على وضعنا قبله؟ عن مركزنا الأول، على مستوى الإقليم، الذي سقط إلى القاع الأخير؟ عن حدثٍ هو الأهم والأخطر في تاريخنا، ومع ذلك لم ندوّنه في كتبنا بصورته الحقيقية وأسبابه الحقيقية، بل رحنا نلف وندور ونزوّر ونحوّر، ونبحث هنا وهناك عن أعذار ومبررات تظهرنا بمظهر الذي لم يخطئ أبداً؟

عمّ تكتبون معشر الكتاب؟ عن وحدة وطنية تمزقت أشلاء يصعب جمعها ولصقها مرة أخرى؟ عن كُرهٍ متبادل بين أطياف المجتمع، وضغائن في الصدور لم يحملها اليابانيون للأميركان بعد هيروشيما وناغازاكي؟ عن مسؤولين يجاملون على حساب نهضة وطن؟ عن جاهل أو جويهلٍ تمت رعايته وحمايته وإطلاقه لينبح على أسر المواطنين المسالمين، ليشتم هذه الأسرة، ويسخر من تلك الأسرة، ويعبث بهوية وطن، على وقع ضحكات المسؤولين، بدلاً من محاسبته وإيقافه عند حده؟

Ad

عمّ تكتبون معشر الكتاب؟ عن بلدٍ فعل به الفاسدون ما له يفعله الغزاة؟ عن بلد تُقمع فيه الكلمة المخالفة لرغبات المسؤولين؟ عن بلدٍ تُسحب فيه جنسيات المعارضين؟ عن بلدٍ شاعت فيه جملة هادمة خطيرة: "يا عمي، لا أمل يُرجى من هذا البلد، فلا تحرق نفسك"، أو "يا حبيبي دع عنك دور المصلحين واحمِ نفسك".

عمّ تكتبون معشر الكتاب؟ عن ملياراتنا المفقودة؟ عن بلدٍ يتآكل في المجالات كلها؟ عن الرشاوى التي أصبحت "إجراءً عادياً" لا يُستغرب ولا يُستهجن، بل مجرد خطوة تسبق توقيع معاملة صحيحة؟ عن مناصب يتم منحها رشوة عيني عينك لقراصنة ولصوص؟

عم تكتبون؟ تسكبون دموعاً على هيئة كلمات؟ دموع العاجز، معشر الكتاب، لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تحمي بلداً، ولا ترفع ولا تخفض. وآآآآه يا بلد.