في وقت تقترب الأزمة الخليجية، التي تفجرت في 5 يونيو الماضي، من إتمام شهرها الثاني، جدد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الإعراب عن قلق بلاده من تداعيات «أزمة قطر» على منطقة الخليج، وأعلن أنه طلب من مسؤولين اثنين، أحدهما الجنرال المتقاعد المبعوث السابق إلى الشرق الأوسط أنطوني زيني، العمل على إنهاء الأزمة.

وقال تيلرسون، في إيجاز صحافي، مساء اليوم، «نشعر بالقلق من تداعيات النزاع بين الثلاثي الخليجي، السعودية والإمارات والبحرين، ومصر من جهة، وقطر من جهة أخرى، لأننا نعتقد أن الأزمة تزعزع منطقة الخليج».

Ad

وأضاف أن الأزمة تؤثر سلبا على وحدة مجلس التعاون الخليجي، «ونعتقد أن المجلس منظمة مهمة لحفظ الاستقرار في المنطقة»، مشيرا إلى أن «قطر ملتزمة بتعهداتها تجاه الولايات المتحدة، وانه ارسل الدبلوماسي تيم لندركينغ إلى المنطقة للدفع من أجل احراز تقدم».

وتابع: «طلبت أيضا من الجنرال المتقاعد زيني مرافقة تيم، حتى نتمكن من الإبقاء على ضغط مستمر على الأرض، لأنه باعتقادي هذا ما سيتطلبه الأمر»، مؤكدا التزام بلاده بحل الخلاف و»إعادة الوحدة بين دول الخليج، لأنني اعتقد أن الأمر مفيد جداً للجهود طويلة المدى الخاصة بهزيمة الإرهاب بالمنطقة».

وأشار إلى جهوده التي بذلها من أجل دفع الوساطة الكويتية وقال: «لقد قمنا بالتواصل والعمل مع سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الذي يبذل جهودا للوساطة في الأزمة».

وحتى الآن فإن أطراف النزاع لم يدخلوا في أي حوار مباشر، إلا أن واشنطن حريصة على الضغط على حلفائها، لتوثيق علاقاتهم ببعضهم البعض والعمل معا ضد التطرف.

دفاع إماراتي

في هذه الأثناء، ردت وزارة الاقتصاد الإماراتية، اليوم، على شكوى قدمتها الدوحة بشأن المقاطعة التجارية المفروضة عليها من قبل الثلاثي الخليجي إلى منظمة التجارة العالمية، بالقول إن «العقوبات المفروضة على قطر لا تتناقض مع مبادئ المنظمة».

وجاء ذلك على لسان الوكيل المساعد لشؤون التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد الإماراتية، جمعة الكيت، الذي قال إن كل ما اتخذته الإمارات والسعودية والبحرين بحق قطر هي إجراءات تستطيع الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية اللجوء إليها في حال المساس بأمنها القومي.

وأضاف الكيت أن منظمة التجارة العالمية تسمح، ضمن اتفاقياتها المتعلقة بالتجارة في السلع والخدمات والملكية الفكرية، بحجب امتيازات عن دولة عضو في حالات محددة، مشددا على أن هذه الحالات ثبتت مع قطر، ولذلك تم اللجوء إلى تلك الإجراءات.

وذكر ان العقوبات المفروضة على الدوحة لا تتناقض مع اتفاقات المنظمة، وتتماشى مع المادة الـ21 من اتفاقية الجات «الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة»، ومادتها الـ14 التي تعرف بـ»الاستثناءات الأمنية».

تضامن بحريني

في السياق، عقد نائب العاهل السعودي محمد بن سلمان اجتماعا مع العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، الذي وصل إلى جدة، مساء اليوم، في زيارة لم يعلن عنها مسبقا، ناقشا خلاله «الأحداث في المنطقة».

وأكد العاهل البحريني وقوف بلاده إلى جانب الرياض في تصديها للإرهاب بمختلف أشكاله وصوره وضد كل من يدعمه ويموله.

تسلح قطري

في المقابل، أبرمت الدوحة، التي تخوض معركة دبلوماسية واقتصادية في مواجهة الرباعي المقاطع، صفقة بقيمة 5 مليارات يورو، لشراء 7 قطع عسكرية بحرية من ايطاليا.

وقال وزير الخارجية القطري محمد عبدالرحمن، في مؤتمر مشترك مع نظيره الايطالي انجيلينو الفانو، في روما أمس، إن الصفقة التي تأتي بعد صفقة بيع طائرات مقاتلة أميركية للدوحة، جزء من برنامج تعاون عسكري مشترك.

وأعلن عبدالرحمن التوقيع على اتفاقية للتشاور السياسي، ومذكرة تفاهم بين صندوق الاستثمار الاستراتيجي الإيطالي وصندوق قطر للاستثمار لـ«التبادل وتطوير فرص التعاون بين الصندوقين».

ورأى أن ما صدر عن اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع بالمنامة الأسبوع الماضي «لا يبطن نوايا حسنة لحل الأزمة»، مؤكدا أن بلاده تدعو للحوار من بداية النزاع لحل الخلاف بالحوار، وتتمسك بالوساطة الكويتية.

وأشار إلى أن الدوحة لم تضع شروطا للانخراط في أي مباحثات إنما طالبت بإلغاء «إجراءات الحصار»، وبأن يكون أي حوار على أساس احترام سيادة الدول، وفي إطار «الالتزام المتبادل وليس الإملاءات».

وحول المصافحة النادرة التي جرت بين وزيري خارجية السعودية وإيران، عادل الجبير وجواد ظريف، على هامش مؤتمر عقد في تركيا مؤخرا، اعتبر عبدالرحمن، الذي تتهم بلاده بالتقارب مع طهران من قبل الدول المقاطعة لها، أن الأمر «شأن داخلي، وقطر لا تتدخل في هذه الأمور».

وجاء الإعلان عن الصفقة الايطالية في ثاني أيام المناورات العسكرية التي تجريها قوات بحرية قطرية مع نظيرتها التركية في مياه الخليج، بمشاركة 214 عسكريا تركيا و30 آلية مدرعة، وصلت على متن فرقاطة تركية إلى الدوحة قبل يومين، وتستمر المناورات عدة أيام وتتضمن مشاركة قوات برية وبحرية.

من جهته، أكد وزير الخارجية الإيطالي أن بلاده تتابع عن كثب الأزمة الخليجية، وتطالب بحلها عبر الحوار، ولا ترغب في رؤية أي تصعيد جديد.

معركة اليونسكو

إلى ذلك، تحولت كواليس انتخابات المدير العام الجديد لمنظمة اليونسكو إلى ميدان إضافي للمواجهة الدبلوماسية بين قطر والدول المقاطعة لها، إذ أعلنت الدول الخليجية الثلاث دعمها لمرشحة القاهرة للمنصب، والتي تحظى أيضا بدعم إفريقي واسع، في حين قام المرشح القطري للمنصب نفسه بزيارة لزامبيا لمحاولة حشد التأييد.