الأغنية الوطنية المصرية... هل تعبِّر عن هموم الوطن والمواطن؟
هل نجحت الأغاني الوطنية التي تشهدها الساحة المصرية بين الحين والآخر في التعبير عما نعيشه من حوادث ومواقف وأزمات؟ ولماذا يتّهمها البعض بأنها لم تحقّق القدر نفسه من النجاح مقارنة بأغانٍ أخرى كانت وستظل محفورة في وجداننا وذاكرتنا؟
هل تكمن المشكلة في الأصوات أم الكلمات والألحان، أم في درجة الصدق التي تمنح تلك الأغاني الخلود؟
«الجريدة» استطلعت آراء المتخصصين في السطور التاليه.
هل تكمن المشكلة في الأصوات أم الكلمات والألحان، أم في درجة الصدق التي تمنح تلك الأغاني الخلود؟
«الجريدة» استطلعت آراء المتخصصين في السطور التاليه.
يرى الملحن حلمي بكر أن الأغاني الوطنية الحديثة تشكِّل محاولات غير جيدة أو مجدية في التعبير، أو كافية، موضحاً أن الشاعر والملحن قديماً كانا يصيغان من أعماقهما ووجدانهما الألحان والكلمات، والمطرب أيضاً كان على درجة من الصدق تثقل العمل.ويؤكد بكر أن المحاولات الراهنة لتقديم الأغاني الوطنية غير جادة، مطالباً المطربين النجوم أمثال عمرو دياب وتامر حسني وشيرين عبد الوهاب وآمال ماهر... بتقديم أعمال غنائية وطنية جادة يُبذل فيها جهد حقيقي ويغمرها الصدق وليس «كقضية واجب»، كي تؤثر في الجمهور ولا تمرّ عليه مرور الكرام، بحسب قوله.من جهته، يطالب المطرب وعضو فرقة «إسكندريلا» حازم شاهين بألا يزايد عليهم أحد ويتهمهم بالتصنع سواء في التعاطف أو الحزن، فضلاً عن أن الصدق في الأغنية عموماً لا يمكن تجاهله، ويصل إلى المستمع فوراً، ويساهم في أن تعيش الأغنية طويلاً.
ويعترف شاهين كموسيقي بالتشابه الكبير بين ألحان أغانٍ كثيرة، الأمر الذي يساهم في تقليل تأثير تلك الأغاني في المستمع، مدللاً على قوله بأغاني الشيخ سيد درويش التي صنعت لمواجهة الاحتلال أو للتعبير عن الفقراء وأحوالهم وكانت لسان حال الناس، لذا كانت وستظل تعيش في وجداننا، وما زالت تُقدّم في الحفلات بأصوات الفنانين الشباب، والجمهور يقبل عليها، بل ويطالب بها.ويؤكد شاهين أن الفن الذي اختار التعبير عن فصيل واحد من الناس ولا يجمعهم على قيم الإنسانية وحرية الإنسان ويدافع عن حقوقهم ليس فناً صادقاً، بل إنه ليس فناً من الأساس، مستشهداً بأعمال زياد الرحباني التي تسافر عبر البلاد كونها مجردة من أي اتجاه ديني أو سياسي.ويشير شاهين إلى أن فرقة «إسكندريلا» كنموذج قدّمت أعمالاً غنائية عدة يمكن توصيفها بالوطنية، وكانت ترجمة لقضايا كثيرة من دون تصنيف وبعيداً عن أية انتماءات، معتبراً أن تلك النوعية من الأغاني تلقى قبولاً جماهيرياً.من جهتها، تقول المغنية وابنة الشاعر صلاح جاهين سامية جاهين إن الأعمال ذات القيمة الحقيقية يسمعها الناس وتعيش في وجدانهم خالدة، ولكن ما يُنتج لإرضاء أشخاص بعينهم لا يستمر، وليس له أية قيمة من أي نوع.وتوضح أن الأغاني القديمة التي كتبها والدها أو الشاعر الكبير فؤاد حداد كانت حقيقية وصادقة وعبرت عن الجمهور حينذاك، لذلك اعتزّ بها الأخير، وعاشت معه بعد رحيل صانعيها، معتبرة أن أغاني «الفرقعة» ليست بفن، وتُنسى سريعاً، فضلاً عن كونها متاجرة بآلام الناس، على حد تعبيرها.
النقد
يصف الناقد الفني عصام زكريا الأغاني الراهنة بأنها «حاجة تكسف» وغير مناسبة لأي حدث، مشيراً إلى أن العصر الذي ظهرت فيه الأغنية الوطنية الصحيحة كان مختلفاً عن اليوم.ويضيف: «كان المغنون الكبار أمثال أم كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب جزءاً من الثقافة المحترمة، ولهم تأثيرهم، وجزءاً من النظام العام، لكن الوضع اختلف اليوم، فلا نرى احتراماً للفن، ولا الفنانين لديهم الجدية والمصداقية».ويرى الناقد أن الفنانين في الماضي كانوا يصدقون ما يقدمونه من كلمات وألحان وغناء، لذلك انتقل الصدق منهم إلى المتلقي، فيما اليوم تفيض الساحة بأحاسيس مزيفة، لذا تحمل الأغاني تأثيراً عكسياً.رأي علم الاجتماع
ترى أستاذة علم الاجتماع د. هالة منصور أن الأغاني الوطنية الراهنة تسبّبت في حالة استهجان عند الجمهور، لأنها ارتبطت في بداية ظهورها بالانتصار وليس الانكسار. وتوضح: «تسبّب حالة الانكسار في الأغنية ضعفاً على عكس أغاني النصر التي تبعث حالة من العزيمة والفرح، وأغاني ما بعد حوادث الإرهاب غير مناسبة للجمهور، الذي يريد حق الشهيد وليس العويل عليه»، مؤكدة أن الأغاني الحديثة لن تعيش مع الجمهور وتؤثر فيه.
حلمي بكر طالب دياب وحسني وشيرين بتقديم أغانٍ وطنية جادة