بعد تمكنها، بالتعاون مع مصر، قبل أسبوعين، من توقيع اتفاق هدنة في منطقة الغوطة الشرقية بدمشق، أعلنت روسيا أمس توصلها مع المعارضة السورية المعتدلة، في القاهرة، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في المنطقة الثالثة المشمولة بتخفيف التصعيد ومقرها حمص ومحيطها.ووفق المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، فإن وقف إطلاق النار في المنطقة دخل حيز التنفيذ ظهر أمس، موضحا أن منطقة عدم التصعيد الجديدة تضم 84 تجمعا سكنيا، ويقطنها أكثر من 147 ألف نسمة.
وتسيطر قوات الرئيس بشار الأسد على كل مدينة حمص، لكن ريفها الشمالي يخضع لسيطرة فصائل معارضة وأخرى متشددة، أبرزها جبهة فتح الشام (النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة).وأوضح كوناشينكوف أن وقف اطلاق النار، الذي أبرم بموجب اتفاق تم التفاوض حوله بالقاهرة في يوليو الماضي بين العسكريين الروس وفصائل المعارضة، لا يشمل تنظيم داعش أو «فتح الشام»، مشيرا إلى أنه ستتم إقامة حاجزي تفتيش وثلاثة مراكز للمراقبة للشرطة العسكرية الروسية على حدود منطقة خفض التوتر في حمص اعتباراً من اليوم.وأضاف أن العسكريين الروس سيكلفون خصوصا «الفصل بين الأطراف المتحاربة ومراقبة وقف اطلاق النار وتأمين وصول القوافل الإنسانية وإجلاء المرضى والجرحى»، مؤكدا أن المعارضة ستقوم من جهتها بفتح الطريق بين حمص وحماة من جهة الطريق السريع ويمر عبر منطقة خفض التوتر.
المنطقة الرابعة
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن بين المدن المشمولة بالاتفاق الرستن وتلبيسة والحولة، التي كانت من أوائل البلدات التي شهدت الحركة الاحتجاجية على نظام الأسد في 2011. وهي ثالث منطقة «لخفض التوتر» تتم إقامتها بعد منطقتين في جنوب سورية والغوطة الشرقية بالقرب من دمشق، ومن المقرر إعلان منطقة رابعة في إدلب بموجب الاتفاق، الذي تم التوصل اليه مطلع يوليو خلال محادثات السلام في أستانة برعاية روسيا وإيران وتركيا.وأكد الجنرال كوناشينكوف أن روسيا، التي تقوم بعمليات قصف جوي منذ 30 سبتمبر 2015 دعماً للأسد، «ستبذل كل الجهود الممكنة ليعود السلام في أسرع وقت ممكن إلى الأرض السورية».هدنة الغوطة
وغداة إعلان وزارة الخارجية الروسية تعرض مجمع سفارتها في العاصمة السورية لقصف بقذائف الهاون، تبادلت أطراف النزاع في دمشق وغوطتها الشرقية الاتهامات حول خرق هدنة وقف الأعمال القتالية في تلك المناطق.وكانت وحدات من الشرطة العسكرية الروسية نشرت في أول منطقتين لخفض التوتر انشئتا في يوليو في الجنوب بالقرب من الحدود الأردنية وفي الغوطة الشرقية المتاخمة لدمشق.معركة إدلب
وفي تطور لافت، يوحي بأن معركة إدلب باتت على نار حامية، حذرت الولايات المتحدة من عواقب وخيمة إذا سيطرت «فتح الشام» على محافظة إدلب، وقالت إن هذا سيجعل من الصعب إثناء روسيا عن استئناف القصف الذي توقف مؤخرا.وفي رسالة نشرت على الإنترنت في وقت متأخر أمس الأول قال أكبر مسؤول في وزارة الخارجية عن السياسة في سورية مايكل راتني إن الهجوم الأخير الذي شنته هيئة تحرير الشام، وتصدرته جبهة النصرة سابقا، عزز سيطرتها على المحافظة و«يعرض مستقبل شمال سورية لخطر كبير».وقال راتني: «شهد شمال سورية واحدة من أكبر مآسيه»، مضيفا: «في حالة هيمنة جبهة النصرة على إدلب سيكون من الصعب على الولايات المتحدة إقناع الأطراف الدولية باتخاذ الإجراءات العسكرية اللازمة».الجولاني وعصابته
وفي إشارة إلى زعيم الجبهة أبومحمد الجولاني، شدد راتني على أنه «يجب أن يعلم الجميع أن الجولاني وعصابته هم المسؤولون عن العواقب الوخيمة التي ستحل بإدلب»، مطالبا جماعات المعارضة التي اضطرت للعمل معه بدافع من تحقيق منفعة أو الحفاظ على النفس بأن تبتعد عن «النصرة قبل فوات الأوان».وشدد المسؤول الأميركي على أن «النصرة» وقادتها سيظلون هدفا لواشنطن حتى إذا اتخذوا أسماء جديدة، وانها ستعامل أي تنظيم في محافظة إدلب يمثل واجهة للمتشددين على أنه جزء من تنظيم القاعدة.تسليح الأكراد
وفي ظل استمرار تدهور العلاقات مع شريكتها في حلف شمال الأطلسي، أعلنت السفارة الأميركية في أنقرة أن واشنطن تواصل التحلي بالشفافية الكاملة مع تركيا بشأن الأسلحة التي يتم تسليمها لوحدات حماية الشعب الكردية، مؤكدة أن وزارة الدفاع «البنتاغون» لم تزود أي جماعات تقاتل «داعش» بدبابات.وأكدت السفارة الأميركية، في بيان أمس، أن الأغلبية العظمى من الشاحنات التي تعبر الحدود العراقية - السورية لا تحمل عتادا أو إمدادات عسكرية.نفط الرقة
في غضون ذلك، أفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» عن سيطرة النظام أمس الأول على 9 قرى وآبار نفط في معقل «داعش» الأخير بالرقة، موضحة أنه استعاد حويجة شنان والرحبي والصبخة والجبلي والرابية والذيابية والمسطاحة وشمرة واسلام وآبار نفط الجرايح.واضافت ان «الجيش مدعوما بسلاح الجو تمكن من الوصول الى نهر الفرات بجنوب شرقي الرقة أمس الأول، وخلال الاسابيع القليلة الماضية استعاد العشرات من آبار النفط والغاز في ريف الرقة، واعاد الامن والاستقرار إلى العديد من القرى والمزارع المنتشرة على اطراف البادية السورية باتجاه ريف الرقة ودير الزور».وفي دير الزور، أفاد المرصد أمس بمقتل 15 شخصا على الأقل جراء قصف نفذته طائرات لا يعلم ما إذا كانت روسية أو سورية على بلدة التبني، الواقعة في الريف الغربي لدير الزور، مشيرا إلى أن من بين القتلى 12 من عائلة واحدة.