«الفِرقة»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
يحفل الفيلم بكثير من الرسائل التي يلجأ المخرج من خلالها إلى التلميح، وليس التصريح، كما فعل في نقل جانب من خطبة الجمعة التي يدعو فيها الخطيب إلى نبذ الموسيقى، باعتبارها خفة، ورعونة، ومجوناً، ولهواً، وقيام العازف الشاب، عضو الفرقة، بإخفاء آلته الموسيقية في صندوق قمامة، يتظاهر بجره إلى أقرب سيارة أجرة كي تقله إلى مكان «البروفة»، بينما يتم تدريب الأطفال على تفكيك وتركيب السلاح، والأعمال القتالية!«حُلم» مشروع تبناه المخرج/ كاتب السيناريو، وأظهر تعاطفاً كبيراً مع أعضاء الفرقة، ممن عبروا عن طموحاتهم، ومخاوفهم، من العزف في مدينة اتجهت إلى تحريم الموسيقى والغناء، لأن الموسيقى في هذه المدينة الشيعية المقدسة أصبحت محرمة بعد الإطاحة بنظام «صدام» في العام 2003. لكن القضية فقدت بعض مصداقيتها بالقول إن الشباب يقدم الموسيقى الصوفية، فالموسيقى الصوفية لن تكون سبباً في الخطر الذي يقود إلى القتل، حسبما أوحى الفيلم، وجرأة التجربة كانت ستكتمل بالفعل لو أن الفتية آمنوا بأهمية الموسيقى والغناء عموماً، بدلاً من الإيحاء بأنهم، والمخرج معهم، لديهم رغبة في تقديم «الموسيقى على الطريقة الشرعية»، وهو المعنى الذي يتأكد في المشهد الذي يلتقي فيه اثنان من شباب الفرقة لإقناع «أبي عزرائيل» مؤذن المسجد سابقاً، والعضو الفاعل في الجيش الشعبي للتيار الشيعي حالياً، بأن يكون الوسيط في سبيل انتزاع موافقة جماعته على تنظيم حفلة موسيقية للفرقة في مدينة «الصدر» ذات الغالبية الشيعية، في ما يُعد اعترافاً علنياً من أعضاء الفرقة بأن «تحريم الموسيقى هو القاعدة» و«الغناء هو الاستثناء»، وأن الربط والحل في يد التيار وحده!تناقض صارخ أضعف كثيراً موقف الفيلم، ودعوة الشباب، خصوصاً أن الفيلم بدا شديد التعاطف مع شخصية «أبي عزرائيل»، وقدّمه بوصفه «صاحب كاريزما»، متسامحاً رغم تزمته الديني (!)، مُحباً للموسيقى بشرط أن تكون موجهة للإشادة بسيدنا «الحسين»، ولا توقظ الشهوات في الأجساد، وهي النظرة التي تسيطر على الفيلم «المصنوع على الطريقة الإسلامية»، إذ لم يتم السماح لفتاة واحدة بالانضمام إلى الفرقة، بل لم تظهر أنثى واحدة على الشاشة، طوال مدة الفيلم، التي بلغت سبعاً وستين دقيقة. كذلك أبدى الفيلم تعاطفاً غير مبرر مع الرجل الذي كان يسجل ويبيع أشرطة الأغاني ثم اعتزل، بعدما اهتدى، على حد قوله، وغيّر نشاطه إلى صاحب مقهى، والحال نفسها مع المطرب الذي اهتدى في شهر رمضان، واعتزل الغناء العاطفي، بينما لم يسع الشباب، في الجانب الآخر، إلى تفعيل «الحُلم» بخطوة عملية واحدة أياً كان نوعها، وبقي «المشروع» مجرد أضغاث أحلام، وثرثرة أقرب إلى السفسطة، من المخرج / كاتب السيناريو، حول المفاضلة بين أولوية انخراط الشباب في القتال أو انغماسهم في عزف الموسيقى!أهمية تجربة فيلم «الفِرقَةُ» في اختيار الفكرة، وجرأة التصوير في مدينة «الصدر»، حيث يعيش أعضاء فرقة «حُلم»، لكن لا تكتمل التجربة، لأن المخرج أمسك العصا من المنتصف، ولأنه خشي، كأعضاء الفرقة، على حياته!