جاء العرض المسرحي «صندوق ألعابي» الذي قدمته فرقة «تياترو» مساء أمس الأول على مسرح الدسمة، من تأليف فاطمة العامر وإخراج شملان النصار، ضمن فعاليات المهرجان الثقافي للأطفال والناشئة الـ19، الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب حتى 12 أغسطس الجاري أكثر نضجا وأفضل عرضا رغم فوزه في «المهرجان العربي لمسرح الطفل 5» من حيث تمكن أفراده من أدواتهم سواء على مستوى المعايشة والاحساس بالكلمة والتمازج مع المكملات وهي السينوغرافيا والاضاءة والموسيقى التصويرية أو التأثيرية التي لا يقل حضورها في العمل عن جمال الفكرة وروعة الاخراج.

وتوفرت في العرض المسرحي كل العناصر التي يهدف إليها الفن بشكل عام وأبو الفنون بشكل خاص من دون ملل أو رتابة، وهي أهداف تربوية وفنية وجمالية وترفيهية من خلال التأثير على جموع المتلقين بالمثيرات التي يقدمها المسرح كمستويات مركبة لا كنص مقروء فقط، ويتأثر ويستجيب لها الأطفال وهذا هو أساس سر الوجود الفن المسرحي لتحقيق التغيير والاثارة في جوانب الحياة.

Ad

لقد قدم مخرج المسرحية الشاب الواعد شملان النصار نفسه كمشروع ناضج يستحق ان يحتل مكانة متميزة تليق بموهبته في قادم الايام بعدما قام في هذا النص المتكامل المفردات والأجزاء بعملية دمج مدهشة وجد فيها مجموعة العناصر كجملة من المبادئ والرسائل الواعية عن طريق التحكم بالعلاقات البنائية من ضوء ولون وكتلة وفضاء، وربطها مع بعضها الآخر لينجز شكلا تصميميا مبهجا مستغلا السينوغرافية على افضل وجه لتنفيذ افكاره وتحقيق رؤيته التي استخلصها من فكرة المسرحية وحبكتها وخطها الدرامي.

وأثبت شملان النصار رغم ان هذا العمل تجربته الأولى في الاخراج أنه يمتلك ناصية الأسس الجمالية في استغلال المساحة المسرحية سواء عن طريق رسم حركة الممثلين والتحكم فيها مما يسمح بإعطاء الفرصة الكافية للطفل المتلقي للتركيز مع الشخصية أو المساحة أو بواسطة توظيف التقنيات الكهربائية واستخدامات البروجكتور لخلق فضاء درامي واضح الرؤية للمتفرج والممثل أيضا لابراز الحدث عن طريق التقنيات الصوتية الاكثر حداثة وتوضيحها السمعي.

وساهم نضج الفكرة التي صاغتها الكاتبة البارعة فاطمة العامر بقيم جمالية ومعرفية تنتقل إلى أعماق الأطفال لتثير انفعالاتهم الوجدانية والنفسية، لتعزيز إدراكهم بالمضمون لأن الاطفال يتمتعون فطريا بدقة الملاحظة والقدرة على توازن الفكرة ومدى تطابقها مع الواقع المعاش في الحياة، وهو امر ليس بغريب عليها أو بجديد على اسلوبها الشائق والممتع والعامر بالقيم الانسانية والتي كثيرا ما أرسلتها من خلال نصوص مسرحياتها، التي منها على سبيل المثال لا الحصر «مدينة الألوان»، و«مصنع الكاكاو 2»، و«فندق المشاهير»، و«الأميرة فروز»، و«ستاند باي»، و«أن فولو».

وجسد الممثلون إبراهيم بوطيبان، وعبدالله عباس، وآلاء الهندي، وموسى كاظم، وحسين الحداد، وسارة التمتامي، وعبدالعزيز النصار، وعبدالرحمن الفهد، وفرح الحجلي، وإبراهيم العلي، وكريم المهندس، والفنان عبدالله عباس والطفلان علي العبدالله وحنين العواد، الحالة بمهارة وحضور بارع وعرض سهل وسلس مضمون نص المسرحية التي تمحورت حول ثلاثة أشقاء يمرحون بسعادة على الخشبة، ولكن تلك اللحظات السعيدة تتغير سريعاً عندما يجدون أنفسهم فجأة في جزيرة يسودها الغموض والخوف، ويحاولون العودة إلى أرضهم من خلال تنفيذ شرط فرضه قائد الجزيرة لحل ثلاثة ألغاز قبل أن يسمح لهم بالعودة.

وكانت الساحرة نقطة البداية في رحلة البحث عن حل للألغاز الثلاثة خاصة بعدما لمسوا فيها استعدادا للعودة إلى طبيعتها الطيبة.

وتمكن الإخوة الثلاثة من حل المشكلة وإعادة جودي إلى طبيعتها حيث تسود المحبة لتصبح الجزيرة في أمان من الشرور.

أما الجنود المجهولون خلف الكواليس فكان حضورهم واضحا وملموسا في العرض سواء من خلال سينوغرافيا العرض لفهد المذن، أو كلمات الأغاني، أو المعالجة الدرامية لعثمان الشطي، أو الألحان والتوزيع لمنتظر الزاير، أو المكياج لشهد العبيد.