بالعربي المشرمح: فساد مجتمع!
وصل بنا الأمر إلى أن من نختاره ليمثلنا في مجلس الأمة يعترف بأنه تلقى أموالاً من الحكومة التي يفترض أنه يراقبها ويحاسبها دون أن يخجل من ناخبيه أو حتى من نفسه ومن أسرته، فعن أي إصلاح نتحدث ونحن كمجتمع نرعى الفساد ونشجع المفسدين؟!
لم تعد كلمة الفساد بالشيء المرعب، ولا هي بالغريبة على المجتمع، بل أصبحت ثقافة يتباهى بها كل من يمارس الفساد بأشكاله، ويختلق لها أسماء جديدة حتى أصبح المجتمع يضرب بها الأمثال والحكم، لتصبح عادة حسنة، من يمارسها لا يُنتَقد، ولا تعتبر فعلته جريمة، وأصبح سارق المال العام "ذيب" يضربون به المثل القائل: "من صاده عشى عياله"، وكأن ما سرقه من مال للأمة غنيمة له، ويتبجحون بالتبرير للراشي بأنه لو لم يرشِ هذا وذاك لما استطاع أن ينجز مصالحه، كما يتعذرون للمرتشي بكلمة "رزقة وجاته للحلق"، وكذلك الموظف المتقاعس يبررون بأن ذلك أبرك له لأنه لو جد واجتهد لوقع في الخطأ وتمت محاسبته و"راتبه ماشي"، فلماذا يخلص في عمله مادام أنه بلا حسيب عليه أو رقيب؟! أما المخادع والكاذب والمتنصل من وعوده وعهوده والمنقلبين على مبادئهم وشعاراتهم فيبررون لهم بأن السياسة فن الممكن، وأن دوام الحال من المحال، ولكل وقت ظروفه ومعطياته، لقد وصلنا إلى مرحلة التعايش مع الفساد بكل أشكاله وألوانه والتبرير له وتحسين صورته، حتى بلغ بنا الحال إلى أن نَصِف المصلحين ودعاة الإصلاح بالجنون والشذوذ والتغريد خارج السرب. وصل بنا الأمر إلى أن من نختاره ليمثلنا في مجلس الأمة يعترف بأنه تلقى أموالاً من الحكومة التي يفترض أنه يراقبها ويحاسبها دون أن يخجل من ناخبيه أو حتى من نفسه ومن أسرته، فعن أي إصلاح نتحدث ونحن كمجتمع نرعى الفساد ونشجع المفسدين؟!
يعني بالعربي المشرمح:
أصبح الفساد جزءاً من حياتنا في بيوتنا، وفي مقار عملنا، وفي كل ما هو متعلق بحياتنا دون أن نستنكره أو نحاربه أو حتى ننتقده، الأمر الذي لا يمكن معه لأي مصلح أن ينجح في محاربة هذه الآفة مهما فعل ومهما تغنى بشعارات الإصلاح وأدواته، لأنه ينفخ في "جربه مقضوضة".