«إبداع الأميين»... انتصار لثقافة الحرافيش في مصر المحروسة

نشر في 06-08-2017
آخر تحديث 06-08-2017 | 00:05
مغلف كتاب «إبداع الأميين المصريين»
مغلف كتاب «إبداع الأميين المصريين»
أصدرت «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في مصر كتاباً جديداً بعنوان «إبداع الأميين المصريين» للكاتب طلعت رضوان، ويعدّ تجربة سردية جريئة، اشتبكت مع السياسة والمجتمع والإنسان، مصدر إلهامها نبض الإبداع الشعبي وثقافة البسطاء، تنتصر للأميين وإبداعهم العفوي، في مواجهة المتعلمين الذين تمت قولبتهم إلى أنماط واحدة بنظم تعليمية واجتماعية فاسدة.
لا يغفل كاتب «إبداع الأميين المصريين» عن التفرقة بوضوح بين الأمية من حيث هي عدم القدرة على القراءة والكتابة، والجهل كمفهوم أشمل بدلالاته السلبية، فيدافع طلعت رضوان بشراسة عن أن الأميين المصريين على مدار صفحات مطولة من التاريخ، امتلكوا ثقافة غنية إنسانية ووطنية رفيعة، رغم عدم معرفتهم بالقراءة والكتابة. وثقافة الأميين، كما يقول، تضرب بجذورها إلى عصور الحضارة الفرعونية، التي قدمت للعالم معنى الضمير وقيم الحق والعدل، و{الأميون صدروا إلى العالم صنوفاً من الإبداع والممارسات الثقافية الفريدة كالموالد الجماعية والأمثال الشعبية الفريدة».

يكشف الكتاب أن الفئة العامة، وإن لم تكن لديها القدرة على القراءة والكتابة، إلا أنها تكشفت مخزوناً نفسياً وافراً يدعو إلى السلام ونبذ العنف، وتمتلك تصورات خاصة عن الموت والحياة، وأنساقاً من السلوك الراقي النبيل، بالإضافة إلى معايير حضارية متفردة، وقيم حاكمة ضربت بجذورها في عمق التاريخ.

ثقافة خاصة

يعرض الكاتب أطروحة مغرية ومغايرة في الوقت ذاته، وهي أن الأمي غير المتعلم قديماً أفضل من المتعلم المتعصب حديثاً، فيقول: «للأميين ثقافتهم الخاصة المتمثلة في نظرتهم إلى الحياة والموت، وموقفهم من المرأة والأسرة، وإبداعهم الحواديت والنكت كإنتاج أدبي في باب الحكم والتأملات».

ويرى الكاتب أن سيادة الأمية الأبجدية لا تنفي وجود ثقافة قومية لكل شعب من الشعوب. من ثم، فإن الأمية لا يمكن أن ترادف الجهل، بل إن الأمية ربما تكون أفضل من التعليم إذا كان معادياً لهوية الثقافة القومية. ويروي أن علماء الحملة الفرنسية عندما زاروا الحوض المرصود وجدوا مصنعاً للبارود ورأوا بندقية دقيقة التصويب، فسألوا عمن صنعوها، فعلموا أنهم من عامة الشعب، لا يكتبون ولا يقرأون.

يذكر رضوان في كتابه: «بعض الأميين أوسع ثقافة من بعض المتعلمين، وليست القدرة على القراءة والكتابة هي الفيصل، لذلك تجد فلاحاً يعبر عن وعي ثقافي أكبر من إنسان حصل على شهادة من إنكلترا».

ويواصل الكاتب إعلانه موت «الإنسان المتعلم» من وجهة نظره، قائلا: «يذهب ظني إلى أن لكل شعب من الشعوب ثقافته القومية الخاصة به والتي تميزه عن غيره، وأن هذه الثقافة القومية لا علاقة لها بالتعليم، إذ إنها تسري في نسيج الأمي الذي لم يذهب إلى المدرسة، وذلك وفقاً للتعريف العلمي لمفهوم الثقافة القومية التي هي مجموعة من أنساق القيم التي أبدعها شعب من الشعوب عبر تاريخه الممتد».

ويستدرك: «إذا كنت أدافع عن الأميين المصريين، فليس معنى ذلك أنني ضدّ أن يتعلموا أو ضد التعليم عموماً، وإنما لو اقتضت الأمور فإنني مع الأمية التي تدافع عن خصوصيتنا الثقافية وبالتالي هي أمية تحمي الوطن، وضد التعليم الذي قد يهدر الهوية والخصوصية، من ثم هو ضد الوطن».

فصول

جاء الكتاب في تسعة فصول، حمل بعضها عناوين:«الموالد الشعبية وأبعاد الشخصية القومية، ودين الحرافيش في مصر المحروسة، والمغزى من الأمثال الشعبية ودورها في فهم الشخصية المصرية، واحتفالات الشعب والخصوصية الثقافية، والسخرية المصرية عبر العصور، والعلاقة بين التدين والإبداع الشعبي».

بحسب الكتاب الأمي غير المتعلم قديماً أفضل من المتعلم المتعصب حديثاً
back to top