غداة جلسة افتتاحية انتُقدت من كل حدب وصوب وفاقمت الاستقطاب في بلد بات على شفير الهاوية، بدأت أمس الجمعية التأسيسية الفنزويلية المزودة بصلاحيات لا متناهية لأجل غير مسمى في مباشرة أعمالها، برئاسة وزيرة الخارجية السابقة دلسي رودريغيز، وفي مقدمتها إعادة صياغة دستور 1999 المعتمد في عهد الزعيم الراحل هوغو تشافيز.

وفي أول قرار لها، أقالت الجمعية التأسيسية الجديدة النائبة العامة لويزا أورتيغا من مهامها، وعينت مؤقتاً طارق وليم صعب، بدلا ممن تعتبر من أبرز مناهضي الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو، مؤكدة أن ولايتها ستمتد سنتين كحد أقصى.

Ad

ومهمة الجمعية، المخولة بحل البرلمان، تقضي بإحلال "السلام" وإنعاش الاقتصاد في هذه الدولة النفطية، التي كانت في السابق تتمتع بموارد طائلة، بحسب الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو، الذي تتهمه المعارضة بالسعي من خلالها إلى تعزيز صلاحياته، وتمديد ولايته التي تنتهي في 2019. وأدى أعضاء الجمعية اليمين الدستورية، أمس الأول، في غياب الرئيس، حاملين الورد الأحمر في أيديهم وصوراً كبيرة لهوغو تشافيز، وسيمون بوليفار رمز الاستقلال في فنزويلا.

وقالت رودريغيز (48 عاما) المعروفة بتمسكها بمبادئ "الثورة البوليفارية"، "أتعهد بالدفاع عن الأمة في وجه أي اعتداء أو تهديد". وأعلنت وزيرة الخارجية السابقة أن الجمعية باشرت أعمالها أمس، رغم الانتقادات الدولية ورفض المعارضة لها.

ويعقد أعضاء هذه الجمعية، الذين يتمتعون بصلاحيات مفتوحة تفوق حتى صلاحيات الرئيس، في "القاعة البيضاوية"، على بعد بضعة أمتار من تلك التي يجتمع فيها نواب المجلس التشريعي المنتخب في نهاية 2015 والمؤلف بأغلبيته من أحزاب المعارضة. ويتخوف البعض من حدوث اشتباكات في المبنى.

وقالت دلسي رودريغيز، قبل بضعة أيام من انتخابها "ما نصبو إليه هو التعايش (بين الاثنين)... وقد سبق للهيئتين أن اجتمعتا في المبنى عينه سنة 1999".

واحتشد مؤيدو مادورو معتمرين قبعات حمراء وملوحين بالأعلام الفنزويلية. وتظاهر أيضاً أنصار المعارضة، فاندلعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن. وتم تفريق المتظاهرين بواسطة الغاز المسيل للدموع، وتعذر عليهم الوصول إلى وسط المدينة حيث مقر البرلمان. وأكد الائتلاف المعارض المعروف بـ "طاولة الوحدة الديمقراطية" على "تويتر"، "لن نستسلم".

أما مادورو، فقال في وقت لاحق، خلال مراسم عسكرية حضرتها رودريغيز، "لدينا الجمعية التأسيسية وبفضلها سنتوصل إلى الحقيقة والعدالة". ويثير هذا الاستحقاق الانتخابي، الذي أجري الأحد وسط أعمال عنف أودت بحياة 10 أشخاص، موجة من الاستنكار على الصعيد الدولي. وقتل أكثر من 120 شخصا في المجمل في خلال أربعة أشهر من التظاهرات ضد الرئيس الاشتراكي.

وفي خطوة غير معهودة، ندد الفاتكيان بشدة بهذا الاستحقاق، وعبّر عن "قلقه العميق في مواجهة التشدد وتفاقم الأزمة" في فنزويلا، الذي يتمثل بارتفاع عدد القتلى والجرحى والمعتقلين.

واجتمع أمس وزراء خارجية أربع دول من البلدان الـ5 الأعضاء في السوق الجنوبي المشترك (ميركوسور) في ساو باولو، للتطرق إلى الأزمة الفنزويلية. ويدرس وزراء البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي احتمال تعليق عضوية فنزويلا المستبعدة أصلا من السوق المشتركة منذ ديسمبر لأسباب تجارية. ولا يعني هذا التعليق بحجة "الإخلال بالنظام الديمقراطي" عمليا طرد البلد من هذا التكتل التجاري الإقليمي، لكن تداعياته أشد وقعا بكثير من أي عقوبات متخذة سابقا في حق هذه الدولة.

وصرحت رئيسة الجمعية التأسيسية في خطاب القسم "الرسالة واضحة جداً جداً بالنسبة إلى المجتمع الدولي... نحن الفنزويليين سنحل نزاعنا، أزمتنا، من دون أي شكل من أشكال التدخل الخارجي أو الوصاية الإمبريالية".

وفي المقابل، لاتزال المعارضة الفنزويلية تتعرض للقمع، فقد أعيد رئيس بلدية كراكاس المعارض انطونيو ليديزما إلى منزله في وقت مبكر صباح الجمعة، حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية مجدداً بعد سجنه ثلاثة ايام.

لكن قيادي المعارضة الثاني ليوبولدو لوبيز، الذي كان ايضا قيد الإقامة الجبرية، وأوقف بالتزامن مع ليديزما مازال محتجزا، شأنه شأن نحو 600 "معتقل سياسي" تندد المعارضة بتوقيفهم.