المسرح السياسي

أول العمود:

أستغرب نوعية نواب في مجلس الأمة يهددون رئيس مجلس الوزراء بالمساءلة في كل مناسبة، وهذا حقهم، لكنهم في الوقت ذاته يعترضون على تطبيق أحكام قضائية واجبة التنفيذ.

***

هناك أمور غريبة تحدث في الشأن العام، أبطالها وزراء وقياديون كبار في الدولة، تمس مصير وحياة الناس في الكويت الذين فاق عددهم ٤ ملايين نسمة، والغريب في الأمر أن هذه الأشياء تمر بهدوء دون رقابة ومحاسبة من قبل جيش المؤسسات المعنية بالمحاسبة وعلى رأسها مجلس الأمة.

في يوليو ٢٠١٥ صرح الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط بأن الحديث عن خطة التنمية غير صحيح للسنوات الثماني السابقة! قصده أنه لا توجد خطة.

واليوم يخرج وزير الصحة ليقول بأن الوزارة قلصت عدد المرضى الذين ترسلهم إلى أميركا من ٨ آلاف إلى ٨٠٠ مريض، لكنه لم يذكر سبب هذا التقليص مع أن العدد يفرحني شخصياً لخبرتي بأن وراء "المتمارضين" نواباً ووزراء. وأعتقد أن وزير الصحة لم يستغل فكرة التقليص هذه في الترويج لسياسته في صد الفساد. فاتتك، لكن الأيام قادمة والفرص سانحة معالي الوزير.

وزير العدل الحالي، وعلى عكس سلفه، يتفق معي ــ جزاه الله خيراً ــ في أنه يشعر بضيق عند سماعه مصطلح الحكومة الذكية أو الإلكترونية، وأنا أشعر بذلك أيضاً، فهو يقول بأنه لا شيء محققاً على الأرض... لا الذكية ولا الإلكترونية بدليل تعطل مصالح الناس شهوراً في وزارة العدل، وذكر حادثة واقعية حصلت لأخيه!

تفسيري لشكل التفاعل الباهت للمجتمع مع الكلمات الثقيلة التي يطلقها هؤلاء القادة بأن الأمور لم تعد "تفرق"، فأن توجد خطة أم لا، أن تكون الحكومة ذكية أم متوسطة الذكاء، كل ذلك سيان. ورغم اعترافات وزراء وقياديين سابقين بمواطن الفساد في وزاراتهم عبر هوايتهم ــ بعد التقاعد ــ في كتابة المقالات في الصحف يُنَظِّرون لأشياء كانت من صلب مهامهم، إلا أن شيئاً لا يحرك جهات المساءلة وما أكثرها.

كل المشاريع الإنشائية التي قام ويقوم بها الديوان الأميري ما هي إلا تقييم مبطن لكم أيها الوزراء والقياديين ولأدائكم، فأن ينشئ الديوان حديقة وحلبة سباق ومجمع محاكم ودار الأوبرا ومركز عبدالله السالم الثقافي وغيرها من الصروح فهذا يعني أنكم غير قادرين على إحداث تغيير جذري في وزاراتكم.

لقد أصبح الناس، ومع بروز مشكلة ما يستجدون قياديي الدولة لفعل ما هو بديهي جداً في بلد يملك المال لتحقيقه، دخل ويدخل علينا الصيف الحارق كل سنة مقروناً بسيل من الاقتراحات تطلب تشييد ساحات النوافير لتلطيف الجو أو تهيئة الشواطئ للسباحة أو إنشاء مساحات فضاء خضراء، وكالعادة ينتهي الموسم بلا نتائج ولا إنجاز لهذه الطلبات السهلة، فالوزراء يعلمون جيداً أن الشتاء قادم وسيطرد الحر ومعه طلبات الناس البسيطة... أشياء غريبة فعلاً.