يشهد قطاع شقق التمليك المحلي مرحلة حرجة في الوقت الحالي، مع وجود فائض وتخمة في المعروض للشقق الصغيرة، حيث شهدت انخفاضا ملحوظا في الأسعار، بنسبة تتجاوز 25 في المئة من قيمتها، مقارنة بالأسعار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي،

وذلك لأسباب عدة، في مقدمتها أن الشقق الصغيرة، التي مساحتها 60 مترا مربعا، لا تنطبق عليها شروط بنك الائتمان بالنسبة لقروض المطلقات والأرامل، حيث يشترط البنك لحصول المطلقة أو الأرملة على قرض لشراء شقة، بأن تكون تكون مساحتها 100 متر فأكثر.

Ad

وقام البنك بتعديل الشروط لحصول المرأة على القرض الإسكاني، حيث قلص المساحة المطلوبة إلى 100 متر، بدلا من 200، مقابل قرض بـ 70 ألف دينار، وذلك لتسهيل حصولهن على السكن.

وضمن الأسباب التي أدت إلى عزوف المستثمرين عن شراء الشقق التي مساحتها 60 مترا، وجود فرص استثمارية عقارية في الخارج بأسعار أقل، مقارنة بالشقق الموجودة في الكويت.

ولا شك أن كثرة إقامة المعارض العقارية أدت إلى عزوف المستثمرين عن شراء الشقق، حيث إن هناك أكثر من 10 معارض تقام سنويا، تقوم بعرض العديد من العقارات والشقق بأسعار تنافسية، وأقل من السوق المحلي.

مساحات صغيرة

ومن أسباب العزوف أيضا، أن المواطن الكويتي لا يرغب في السكن بالشقق بشكل عام، وخاصة الصغيرة منها، إضافة إلى أنه لا يوجد قانون يسمح للوافد بتملك العقارات، ما ساهم في حالة الركود، وأدى إلى انخفاض أسعار الشقق ذات المساحات الصغيرة.

ويفتقد السوق المحلي الدراسات التي تبين احتياجات السوق العقاري، التي تختلف بين فترة وأخرى، وفق عوامل عدة، منها أسعار العقارات ومواد البناء والأغذية، والناتج المحلي، وأعداد الوافدين ونوعيتهم، سواء من العوائل أو العزاب، فضلا عن النمط المجتمعي المتغير في موضوع السكن.

كذلك، يفتقر السوق العقاري إلى المرونة في القوانين، حيث تقوم الدول بعد الانتهاء من الدراسات الخاصة باحتياجات السوق العقاري، بتعديل القرارات، لتتماشى مع الاحتياجات والرغبات.

اتحاد المُلاك

من جهة أخرى، أوضح عدد من خبراء العقار، أن قطاع شقق التمليك في الكويت غير جاذب للمستثمرين، لعدم وجود إلزام بإنشاء اتحاد مُلاك الشقق، إذ يؤكد العقاريون أن من أهم عوامل جذب المستثمرين هو قانون اتحاد المُلاك، الذي يعمل على حفظ حقوقهم.

ويشير العقاريون إلى أن اتحاد المُلاك، هو نظام معمول به في جميع دول العالم، حيث يتم إلزام جميع مالكي الشقق في العقار الواحد باجتماعات دورية يتم من خلالها مناقشة المشاكل، وإلزامهم بدفع رسوم، للمحافظة على العقار وصيانته، حتى لا يتهالك.

إلزام المشتري

ويتم في معظم دول العالم إلزام المشتري الجديد للشقة بدخول اتحاد المُلاك، وحضور الاجتماعات الدورية، ودفع الرسوم السنوية أو الشهرية، التي تعد رمزية بعض الشيء.

وعادة ما يتم ربط فكرة نجاح قطاع شقق التمليك بوجود قانون اتحاد المُلاك في دولة ما، حيث إن جميع التجارب الدولية لهذا النظام أثبتت نجاحه، لما له من تأثير إيجابي على العقار، في الصيانة والخدمات، وحل المشاكل التي قد تواجه قاطني الشقق.

وفي الكويت، أخذت هذه الفكرة منحى إيجابياً خلال الفترة القليلة الماضية، حيث تم انتخاب أكثر من اتحاد مُلاك في عدد من المناطق، لكن هذا الأمر مازال يواجه العديد من العقبات، أهمها عدم وجود إلزام من الجهات المعنية.

وقد طالبت اتحادات ومهتمون بالشأن العقاري، بتعديل القرار الوزاري الذي ينص على إنشاء اتحاد مُلاك العقار، على أن يكون المالك للبناية هو المؤسس للاتحاد، وعندما يقوم ببيع الوحدات تنتقل الملكية مجزأة للمشترين، بحيث يشتمل عقد البيع من البداية على عضوية المشتري في اتحاد مُلاك العقار.

تشطيبات سيئة

وارتفعت تداولات شقق التمليك خلال السنوات الثلاث الماضية، ليرتفع معها عدد الشركات المطورة في هذا القطاع، لكن الأسعار لاتزال مرتفعة، لو تمت مقارنتها بشقق التمليك في باقي الدول، وخاصة بالأماكن السياحية، إلا أن انعدام الفرص الاستثمارية في الكويت جعل عددا كبيرا من رؤوس الأموال تتجه نحو الاستثمار في هذا القطاع.

ويشير العقاريون إلى أن القطاع انتعش، بعدما تم إقرار دعم حكومي لفئة المطلقات والأرامل، لترتفع معها التداولات والأسعار، حيث تعد هذه الفئة الأكثر شراء للشقق.

ويوضح البعض أن الشركات المطورة أساءت إلى قطاع شقق التمليك، في ظل عدم وجود رقابة كافية وصارمة من الجهات المعنية، حيث إن هناك عددا كبيرا من الشقق تشطيباتها سيئة، ولا ترقى إلى طموح الراغبين في التملك.

الأزمة الإسكانية

ويُعد السكن العمودي من أهم عوامل حل الأزمة الإسكانية، وقد لجأت الكثير من الدول إليه، ولاقى نجاحا كبيرا، لكن في منطقة الخليج بشكل عام لا يزال مفهوم السكن في شقة حديثا،

حيث يرغب مواطنو مجلس التعاون في السكن بالوحدات السكنية الخاصة وذات المساحات الكبيرة، عكس مواطني معظم دول العالم، الذين يرغبون في السكن بالشقق، أو السكن العمودي.

ويمكن دعم مفهوم السكن في الشقق عن طريق توفير الإغراءات للمواطنين، بحيث تكون مساحة الشقة كبيرة، وتقع بأماكن مرغوبة مثل الواجهات البحرية، إذ يراهن العديد من العقاريين على نجاح فكرة السكن العمودي، لو تم تطبيقها بالشكل الصحيح.