«نبوءة صديقي» !
قبل أيام قليلة من اختتام الدورة العاشرة لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي (25 – 31 يوليو 2017) قال لي صديق جزائري إن نتائج الدورة التاسعة (22 – 27 يوليو 2016)، لم تكن مُرضية لدى الأوساط الرسمية، التي استاءت كثيراً لخروج الدولة، التي تدعم وتنظم المهرجان، من سباق الجوائز، التي منحتها لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، برئاسة المخرج السوري محمد ملص، ولجنة تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة، برئاسة المخرج والسيناريست الجزائري رشيد بن علال ولجنة تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية، برئاسة المخرج التونسي خالد غربال. إذ باستثناء جائزتي أحسن مخرج، التي نالها الجزائري لطفي بوشوشة عن فيلم «البئر»، وأفضل فيلم وثائقي التي حصدها الفيلم الجزائري «في رأسي روبوان»، ذهبت بقية الجوائز إلى: مصر، التي فازت بالوهر الذهبي عن فيلم «نوارة» للمخرجة هالة خليل، وأفضل دور نسائي، التي فازت بها منة شلبي عن الفيلم نفسه، وأفضل فيلم وثائقي التي انتزعها «حار جاف صيفاً» إخراج شريف البنداري، ولبنان، الذي حصد جائزة أفضل دور رجالي (آلان سعادة عن «كتير كبير»)، وسورية، التي حصدت جائزة أحسن سيناريو (المخرج جود سعيد عن «في انتظار الخريف»)!قالها صديقي الجزائري، وكأنه يؤكد أن ما حدث في الدورة التاسعة لن يتكرر في الدورة العاشرة، وأن السينما الجزائرية ستستعيد عافيتها في هذه الدورة، على يدي المخرج التونسي فريد بوغدير، رئيس لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة، والمخرج الجزائري كريم طرايدية، رئيس لجنة تحكيم الأفلام الروائية القصيرة، والمخرج الفلسطيني ميشيل خليفي، رئيس لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية، وهو ما حدث إلى حد بعيد في حفلة ختام وتوزيع جوائز الدورة العاشرة، إذ اكتسحت الأفلام الجزائرية السباق، وحصدت نحو تسع جوائز في واقعة لم تحدث سابقاً. ففي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة فاز «في انتظار السنونوات» بجائزة الوهر الذهبي، وحصد كريم موساوي مخرج الفيلم نفسه. جائزة أفضل مخرج، ونال مهدي رمضان وهانية عمار جائزتي أحسن ممثل وممثلة صاعدين عن العمل نفسه، وفي مسابقة الأفلام القصيرة اقتسم الفيلم الجزائري «عهدتك» إخراج محمد يارقي جائزة الوهر الذهبي مع الفيلم الفلسطيني «خمسة أولاد وعجلة» إخراج سعيد زاغة. وعلى صعيد مسابقة الأفلام الوثائقية بدا كأن لجنة التحكيم تشعر بالذنب لأنها منحت جائزة الوهر الذهبي للفيلم الفلسطيني «اصطياد الأشباح» إخراج رائد أنضوني فما كان منها، على سبيل التكفير عن الذنب، سوى أن نوَّهت، بالجملة، إلى الفيلم الجزائري «تحقيق في الجنة»، إخراج مرزاق علواش والفيلم الجزائري «يوسف شاهين.. السينما والجزائر» إخراج سليم أغار، رغم مستواه السيئ ولغته السينمائية البدائية للغاية، ومن باب التهدئة و»جبر الخواطر» نوهت إلى الفيلم اللبناني «ميل يا غزيل» للمخرجة إليان الراهب، والفيلم العراقي «الفرقة» إخراج الباقر جعفر (كتبنا عنه في العدد السابق)، في حين كانت الفرصة مهيأة للجنة تحكيم بانوراما الفيلم القصير، وأفلام الموبايل، برئاسة المنتجة الجزائرية سميرة حاج جيلالي، وهي مسابقة مستحدثة في الطبعة العاشرة للمهرجان، لتتويج الفيلم القصير HUMAN إخراج الجزائري عصام تعشيت بالجائزة الأولى فيما ذهبت جائزة أفلام الموبايل إلى الفيلم الجزائري «كيف كان عيد ميلادك» للمخرج الشاب محمد زاوش. أما جائزة الجمهور فذهبت إلى «أوغسطينوس.. ابن دموعها»، وهو فيلم تعاونت الجزائر وتونس في إنتاجه، وتحمل مسؤولية إخراجه المصري سمير سيف.
هل صدقت نبوءة صديقي الجزائري «ما حدث في الدورة التاسعة لن يتكرر»؟ وهل فوز السينما الجزائرية بتسع جوائز في دورة واحدة يعكس واقع الحال التي وصلت إليها أم ينبئ بأنها تعيش طفرة هائلة لا يستشعرها الجزائريون أنفسهم؟الواقعة تُلقي كثيراً من ظلال الشك، لكنها لا تعكس حقيقة ما جرى في الأروقة و«الكواليس»، بقدر ما تكشف قصور رؤية لدى المسؤولين عن المهرجانات العربية، ممن يرون أن «الأرض تلعب مع أصحابها»، وأن فوز الدولة المُضيفة بعدد من الجوائز أمر حتمي، ومطلب «سيادي» لا غبار عليه، بالنظر إلى حجم الأموال التي أنفقتها على المهرجان، والرغبة في تهدئة، وامتصاص غصب، أولئك الذين ينظرون إلى الأموال التي تذهب إلى المهرجانات الفنية، على أنها «سفه» و«إهدار للمال العام»!