لا... الحرب لم تضع أوزارها!

نشر في 07-08-2017
آخر تحديث 07-08-2017 | 00:18
 صالح القلاب غير معروف ما استند إليه أحد قادة المعارضة السورية حتى يطلق ذلك التصريح المدوي الذي قال فيه "إن الحرب مع نظام بشار الأسد قد وضعت أوزارها"، فالمفترض أنه كان عليه، قبل أن يزف هذه البشرى لمئات الألوف من الذين أصبحوا من سكان المقابر، ولملايين اللاجئين، وللذين غير معروفة أعدادهم من نزلاء السجون السرية، أن ينظر إلى نصفي الكأس... النصف الفارغ والنصف الملآن، ويقيناً أن الوصول إلى كل هذا المستوى من الإحباط ليس هو غير مبرر فقط، بل هو أيضاً خدمة لرئيس هذا النظام الذي يواصل رهانه، اعتماداً على إيران وروسيا، وعلى بعض "المؤلفة قلوبهم"، على أن الفوز بالنتيجة سيكون إلى جانبه، وأنه سينقل الحكم إلى حافظ الصغير، كما نقله إليه حافظ الكبير.

ربما أحد قادة المعارضة هذا لم يتذكر الآية التي جاء فيها "إن يمسسكم قرح فقد مسَّ القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين"، ولم يدرك أن هذا النظام لا يحسد على ما هو عليه، وأن حاله كحال ذلك الذي قيل فيه

خليفة في قفص بين وصيف وبغا

يقول ما قالا له كما تقول الببغا

وأنه "شاهد ما شافش حاجة"، وأن صاحب القرار في "القطر العربي السوري" هو أولاً بوتين، وثانياً الولي الفقيه في طهران، وهو في بعض الأحيان قاسم سليماني.

عندما انطلقت انتفاضة الشعب السوري من درعا في مارس 2011، كان نظام الأسد، وليس نظام حزب البعث، لأن هذا النظام لم تعد له منذ "الحركة التصحيحية" عام 1970 علاقة بهذا الحزب، يسيطر على كل موطئ قدم في "القطر العربي السوري"، وكان يحصي على السوريين حتى أنفاسهم، وكانت مخابراته متغلغلة في شرايين هذا البلد حتى النخاع، كما يقال، بينما كان جيشه، الذي كان اسمه "الجيش العربي السوري" جيشاً فعلياً قبل أن يتحول إلى ميليشيات طائفية نسيت هضبة الجولان المحتلة... والعدو الصهيوني، وغدت تتفنن في اضطهاد السوريين سنة وعلويين وإسماعيليين ومسيحيين وأكراداً، وباتت ترفع، بدل الشعارات البعثية القومية، شعار "إلى الأبد يا أسد"!

أما الآن فإن سيطرة هذا النظام تكاد تقتصر على بعض رقع الجغرافيا السورية، وما تبقى إما تحت سيطرة المعارضة السورية، وإما تحت سيطرة "داعش"، وإما تحت سيطرة بعض الأكراد المدعومين من قبل واشنطن.

إنه لا شك في أن المعارضة استهدفت بالعديد من التدخلات الخارجية، وبالكثير من الاختراقات الداخلية منذ اللحظة الأولى لانطلاقها، وأنها منعت من قبل هذه القوى المتدخلة كلها، وعلى رأسها الروس والإيرانيون وبعض العرب و"الإخوان" وغيرهم، من أن تكون جبهة واحدة، وأن يكون لها جيشها الذي كان بدأ يتشكل في البدايات تحت اسم "الجيش الحر"، لكن ومع ذلك فإن القوى الحية في هذه المعارضة استمرت في السباحة ضد تيارات عنيفة كل هذه الأعوام الماضية، وبقيت صامدة ولم يعد من الممكن تجاوزها، وأن حل "جنيف 1"، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، والمرحلة الانتقالية، لا تزال قائمة... وهذا هو ما اتفقت عليه أميركا وروسيا رغم اختلافهما على أمورٍ كثيرة.

back to top