من ضمن الأمور التي تشوّش وترهق محاولة فَهم الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجهها النساء في الشرق الأوسط، هو الطَّرح الفوتوغرافي - التاريخي والمُعاصر- الجدالي والمُلتبس لهنَّ، والذي يختزل تحدياتهنَّ غالباً بملابسهن.

يتألّف مشروع سما الشيبي «يحملن أوزاراً» من مجموعة خياليّة لصور بورتريه معروضة ضمن أوعية نحتيّة تم تركيبها؛ تسترجع وتفكِّك وتحطِّم الصور المألوفة، بينما تستجوب قدرتها على تعريف وتفسير الفروقات المتباينة لاستيعاب الهويّات المعقّدة والمتشابكة.

Ad

الجمع بين التصوير الفوتوغرافي والنحت والتركيب، يؤكد التحديات الاجتماعية والسياسية التي تواجهها النساء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والدور الإشكالي الذي كان للتصوير الفوتوغرافي في تحريف مفهوم الجنسين الرجل والمرأة، لذا يتضمن المشروع كثيراً من الصور الخيالية.

لغة الألم والضياع

ولدت الفنانة سماء الشيبي عام 1973 بالبصرة في العراق من أم فلسطينية وأب عراقي، وهي تحمل اليوم الجنسية الأميركية. تخرجت عام 2005 في جامعة كولورادو في الولايات المتحدة في تخصص التصوير، الفيديو وفن الصوت والصورة. تعمل حالياً أستاذة محاضرة في جامعة أريزونا.

عرضت صورها الفوتوغرافية في معارض ومتاحف عالمية من بينها: Exit Art في نيويورك، Traffic في دبي، وAl Hoash في القدس، وDARB 1718 في القاهرة، ومتحف برونكس، ومتحف الفن المعاصر في دنفر.

كذلك عرضت أفلامها وفيديوهاتها في مهرجانات عبر العالم من بينها المهرجان العالمي للفيلم في تيسالونيك باليونان، ومهرجانCinema East Film في نيويورك،

وDOKUFEST في كوسوفو، وMidEast Cut في كوبنهاغن وهلسنكي.

تعبر الفنانة سما الشيبي بلغة الألم والضياع والمنفى، مستعينة بالتصوير وفن الفيديو والنقش، وتتباين مقاربتها الشاعرية والغنائية مع تجربتها الشخصية مع الحرب والنكبات التي ضربت فلسطين والعراق موطني والديها.

وتحرص الشيبي غالباً على الولوج من خلال أعمالها الفنية إلى فضاءات تعتبر في نظر البعض من المحرمات، غايتها في ذلك إبراز الظلم الذي قد يلحقه بعض العادات والتقاليد بالحضور الإنساني من الناحية النفسية، ما يمنعه من الإبداع والعطاء، فيمرّ في مشوار الحياة من دون أن ينتبه إليه أحد. كذلك تعالج العلاقة بين المواطن والدولة، وتطرح تساؤلات عدة حول هذا الموضوع.

في هذا السياق أيضاً، تهتم الفنانة بمسألة المراقبة والسيطرة، سواء تعلق الأمر بعلاقة الإنسان بالوطن والهوية الوطنية أو بالعلاقات بين الناس في نزاعهم على الموارد الطبيعية والحكم، وبوقوفها بين طرفين متمايزين، على أطراف التيه، من هنا يتميز عملها بهاجس التجربة الإنسانية.

الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)

الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)، مؤسسة عربية مستقلة ممولة من مؤسسات وأفراد من داخل المنطقة العربية وخارجها. تحرص «آفاق» على الحفاظ على تنوع مصادر تمويلها لضمان استقلاليتها، وتسعى بجدّ إلى توسيع دائرة داعميها بغية الترويج للدعم الثقافي. من خلال هذه الجهود، ترمي «آفاق» إلى المساهمة في إنشاء بيئة حاضنة لدعم الفنون، مكتفية ذاتياً من خلال الإسهامات المحلية بما هي ظاهرة ناشئة في المنطقة العربية.

إذ تنظر «آفاق» بعين التّقدير إلى الدّعم الكريم المُقدّم من المؤسسات والأفراد، تؤكّد أن لكل تبرّع تأثيراً مباشراً في دعم المواهب وتمكين المبدعين من إنتاج أعمال فنية ملهمة، ذات حس نقدي ونابعة من صلب هموم المنطقة العربية وقضاياها الملحّة.