آل غور يعود مع An Inconvenient Sequel
مع انتشار المقالات عن تبدّل المناخ على وسائل التواصل الاجتماعي، واحتلال التقارير عن الأحوال الجوية المتطرفة وذوبان الأنهار الجليدية حيزاً مهماً من الأخبار، وقرار الرئيس الأميركي الأخير الانسحاب من اتفاقية باريس، يبدو أن ما من وقت أفضل وأكثر اضطراباً من اليوم لنزولAn Inconvenient Sequel: Truth to Power إلى صالات العرض.
يشكّل An Inconvenient Sequel: Truth to Power جزءاً ثانياً من فيلم An Inconvenient Truth الوثائقي الذي أعده نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور وديفيد غوغنهايم وعُرض عام 2006. ربما تظنّ أن هذا الجزء الجديد مخيف ومحبط أكثر من أن يتحمّله مَن يقلقون حيال تبدّل المناخ. لكنه يشكّل في الواقع عملاً مفاجئاً، وحيوياً، ومذهلاً، ومثقفاً، ومهماً بالتأكيد، وعلى كل مَن يرغب منا في مواصلة العيش على هذا الكوكب مشاهدته.يتابع المخرجان بوني كوهين وجون شينك مهمة غوغنهايم. أما غور، فيظلّ نجم هذا العمل. لكن الفيلم ليس مجرد عرض صور. صحيح أننا نشاهد غور وهو يدلي بمحاضرات حول العالم ويشارك في ورش عمل للتدريب في مجال القيادة المناخية، إلا أننا نرافقه أيضاً خارج المسرح فيما يختبر تأثيرات تبدّل المناخ على الأرض، فيخوض غمار موج المد العالي في ميامي الذي اجتاح شوارع المدينة، ويزور ضحايا إعصار هايان الذي دمّر مدينة تكالوبان في الفلبين. ولكن في المشاهد الأكثر تأثيراً نرى غور في محادثات باريس حول المناخ في شهر نوفمبر عام 2015. بعدما وصل غور وفريقه باكراً للاستعداد للبث المباشر، اضطروا إلى إخلاء المكان عقب اعتداء باتاكلان الإرهابي. لكن تلك اللحظات الغريبة قدّمت فرصة مميزة أتاحت له توضيح الطرائق المختلفة الكثيرة التي يؤثر فيها تبدّل المناخ في وجودنا.
لا شك في أن الحوادث المناخية ستزداد تطرفاً والحضارات ستتفكك عند فواصل الطبقات، والأنظمة الصحية، والقدرة على الوصول، وغيرها من فواصل اجتماعية. ويقدّم لنا وصف غور لمساهمة الجفاف في سورية في الحرب الأهلية، التي مهدت بدورها الدرب أمام بروز داعش في ذلك البلد، صورة منوّرة ومخيفة.لا يشكّل التبدّل المناخي مسألة علمية وبيئية فحسب. يبرهن An Inconvenient Sequel الطرائق التي تحوّل بها هذا التبدل إلى معضلة سياسية، وصناعية، واقتصادية، وصحية، ووجودية بكل بساطة. سيبدأ التبدل المناخي بالتأثير في نمط عيشنا بطرائق عدة، لا من خلال المناخ فحسب، وسيحطم حياتنا اليومية تدريجياً. لنتأمل مثلاً في تداعيات إعصار ساندي الحالية على نظام قطار الأنفاق في مدينة نيويورك.
تهليل وتنديد
يستند زخم An Inconvenient Sequel في جزء منه إلى مفاوضات غور المتواصلة في باريس بهدف ضمّ الهند إلى الاتفاقية والحؤول دون بناء مئات المصانع التي تعمل بالفحم لتأمين الوظائف. وتبدو دبلوماسية غور الدقيقة هذه بارزة خصوصاً اليوم بعدما اتخذ دونالد ترامب قراراً «بطولياً» في الظاهر يقضي بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس.رغم ذلك، يشعر المشاهد بأن An Inconvenient Sequel يمكّنه بدل أن يملأه يأساً. صحيح أن صور سير غور على أنهار جليدية تذوب بسرعة مخيفة، إلا أنه يسارع إلى تذكيرنا أن أجزاء أخرى من العالم تختار وسائل الطاقة المتجددة، خصوصاً شيلي. وهكذا، يحتوي هذا الفيلم الوثائقي على لحظات للتهليل وأخرى للتنديد.ثمة إشارات تولّد فينا الأمل وأخرى تحذرنا بشدة. ما زالت الفرص أمامنا متاحة لاتخاذ الخطوات الضرورية، مع أننا لم نستغلها بعد. ويطرح An Inconvenient Sequel مجدداً السؤال ذاته إنما بإلحاح أكبر هذه المرة: بدأت فرص معالجة هذه المشكلة تتضاءل، إذاً، ما الحلول التي سنطبقها الآن؟
على كل مَن يرغب منا في مواصلة العيش على هذا الكوكب مشاهدة الفيلم