انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً مقطع مصوّر ومنسوب إلى تنظيم داعش يهدد فيه الكويت بكل مكوناتها الشيعية والسنية وممتلكاتها العامة والخاصة وانتهاءً بالقيادة السياسية... وبغض النظر عن مصداقية هذا التسريب الإعلامي ومدى دقة المعلومة كونها من بين مئات المقاطع التي تبث على أجهزة النقال يومياً، فإن مثل هذا الموضوع يجب أن يؤخذ على محمل الجد، مع عدم الوقوع تحت تأثير الرعب أو ردود الفعل المبالغ فيها.التهديد المنسوب إلى «داعش» يحمل دلالات مهمة، منها حالة التردي والضعف الذي أصيب به هذا التنظيم الإرهابي في أهم معاقله ووسط حلفائه وأنصاره في العراق وسورية وليبيا، وقد يصل الحال ببقايا من فلت من مرتزقته إلى ارتكاب أعمال انتقامية فردية لإثبات الوجود، وخصوصاً في الأماكن الصغيرة والقابلة للاختراق الطائفي ومنها الكويت.
من دلالات استهداف دولة الكويت حالة الاحتقان الطائفي التي تعصف بمجتمعنا في الآونة الأخيرة وتبدّل المواقع في التأجيج والتحريض المذهبي بين السنة والشيعة تباعاً، الأمر الذي يفسح المجال أمام المتصيدين في الماء العكر أو من يضمر الشر للكويت والكويتيين بشكل عام لهذا النوع من العبث وسكب الزيت على النار.البعض قد يشكك في المقطع المصور لبدائيته في التصوير والإخراج الإعلامي إضافة إلى المحتوى الهزيل لمفرداته، وقد يكون ذلك مرجحاً مقارنة مع ما تبثه الجماعات الإرهابية من روابط ومشاهد مصورة، لكن محتوى هذا الشريط قد يعكس المشهد الذي نعيشه أو ما يتأمله البعض من ضعاف النفوس ممن يزعجهم أن يستقر الشعب الكويتي أو يمتص الصدمات المتتالية التي يفاجأ بها بين فترة وأخرى.هذا ما حذرنا منه مراراً وتكراراً، حيث إن المجتمع الكويتي صغير في حجمه والمساحة الجغرافية التي يعيش عليها، كما أنه شعب يتعاطى السياسة على مدار الساعة ومتصل دائماً بمواقع الإنترنت وخصوصاً أجهزة النقال، ولذا يتلهف من أجل الحصول على أية معلومات أو تعليقات يكمل بها يومه ويتبادل هذه المعلومات مع غيره في دائرة لا تتوقف عن الحركة.قد يكون هناك من لفق هذا الشريط بل يتمنى أن يصل الحال بالكويتيين إلى الصدام المباشر وانطلاق شرارة الطائفية على شكل أعمال عنف بين مكونات المجتمع، ومع مثل هذا الفيديو «الفتنة» يبدو أن هناك مرحلة متقدمة على الأماني، وتتمثل في وضع الخطط والمؤامرات وشرح طرقها وإعطاء الأمثلة على تطبيقاتها الميدانية وبطريقة شريرة ومدبرة، ولا يستبعد أن يكون مصدر هذه الفتنة الجديدة من الداخل أو حتى من الخارج.لذا فإن الحذر مطلوب بل قد يصل إلى درجة الواجب الشرعي والمسؤولية الوطنية الكبرى من الجميع، بدءاً بالحكومة التي بيدها سلطات القرار وبإمكانها أن تغير المشهد القائم إلى مشاهد أكثر تفاؤلاً وتجسيداً للوحدة الوطنية، ومروراً بالتيارات السياسية التي تملك القدرة على نصح أبنائها أو دفعهم إلى تبني خطاب يراعي حرمة الوطن ومخافة الله بيننا كمواطنين نعيش السراء والضراء معاً، وانتهاءً بكل فرد منا من خلال سلوكه في القول والعمل، ونسأل الله الأمن والأمان لهذا البلد وشعبه الكريم، وأن يرد كيد الحاقدين ومن يضمر الشر لنا ككويت وكويتيين إلى نحرهم!
مقالات
الفيديو الداعشي!
08-08-2017