يراقب حلفاء إيران بقلق، وشيء من الدهشة، تطور العلاقات بين بغداد والعواصم العربية، وآخرها التسارع في الزيارات المتبادلة بين العراق والسعودية، على مستوى الحكومة والزعامات الدينية، إذ جرى استقبال حافل لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في جدة، الأحد قبل الماضي، وأجرى مباحثات مع ولي العهد محمد بن سلمان.

وفي 19 يونيو الماضي، افتتح رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي عهداً جديداً في العلاقات بين بغداد والرياض، خلال جولة إقليمية شملت مباحثات مهمة في الكويت وإيران، وسرعان ما تتابعت الوفود الرسمية لتكشف أن استئناف العلاقات، بعد 25 عاماً من القطيعة، يمكن أن يتحرك في سقف أعلى من توقعات متواضعة سادت في بادئ الأمر، وهو ما يجري بموازاة تعاون عراقي يتزايد مع الكويت والأردن ومصر بشكل خاص.

Ad

جاء ذلك وسط سلسلة تحولات أعادت بوضوح فرز أجنحة الحكم في بغداد، استناداً إلى قواعد لعبة جديدة تتطلبها مرحلة ما بعد طرد «داعش» من الموصل.

وخلال الأعوام الماضية، بدأ العبادي يفصل أوراقه عن خلفه نوري المالكي وسياساته المتشددة، كما حرص مقتدى الصدر على أن يكون المنتقد الأبرز للفصائل المسلحة المقربة من طهران، ويبدو أن الانفتاح العربي الأخير على بغداد شجع عمار الحكيم على القيام بمفاجأة كبيرة، هي الانشقاق عن المجلس الأعلى الشيعي، وهو حزب العائلة التاريخي، وتأسيس «تيار الحكمة الوطني»، ليضم قيادات شابة ذات صلة جيدة بالغرب، ويترك «الحرس القديم» المقرب من إيران.

وتمتلك العوائل الدينية والسياسية، الراسخة في العراق، ثقلاً شعبياً ساهم في سد فراغ السلطة والدولة منذ سقوط صدام حسين، وتعد هذه الأسر أبرز طرف يمكنه تخفيف الاحتقان الطائفي، ومواجهة الأجنحة المتشددة التي تعرقل محاولات نزع التوتر.

وبينما لوحظ حماس واضح على مستوى الجمهور بالعراق والمحيط العربي لخطوات التقارب، التي تنهي فصلاً مزعجاً من التوتر والجفاء، سارع «أصدقاء طهران» إلى تحذير القادة العراقيين من «انفتاح متعجِّل»، وحاول بعضهم التشويش والتأويل بالقول إن «حظوظ» العبادي والصدر والحكيم لدى إيران بدأت تتراجع، فحاولوا التعويض بالانفتاح على البلدان العربية.