افتتحت الليلة الثانية من مهرجانات الأرز الدولية» بعرض فيلم 3D Mapping، يحكي قصة الأرز عبر العصور، تلاه النشيد الوطني، ثم فيلم وثائقي عن مهرجانات الأرز خلال السنتين الماضيتين.بعدها، بدأ استعراض «عشرة» عنوان العمل الذي قدمته هبة طوجي، والذي يتوّج عشر سنوات من التعاون الفني بينها وبين أسامة الرحباني، والجهد المتواصل والعمل الجدي والانضباط والعلم، الذي أوصل طوجي إلى العالمية.
وقدّمت طوجي عرضاً، تداخلت فيه الموسيقى والألوان والشعر والرقص والدهشة والمسرح، حيث أدّت مجموعة أغان منوعة من ألبوماتها، كذلك وجّهت تحية الى مغنيات عالميات، مثل: ماريا كاري، ويتني هيوستن وسيلين ديون.شارك في إعداد العمل الاستعراضي وتقديمه 120 فناناً وراقصاً وراقصة، وأخرجه مروان الرحباني.من جهته، لم ينس أسامة الرحباني أن يوجه تحية إلى جبران خليل جبران، من خلال بعض المقاطع من مسرحية جبران، التي قدمها سابقاً، كذلك أعدّ أغنية خاصة لمناسبة مشاركته في مهرجانات الأرز الدولية بعنوان «جايي تا صلي بفياتك»، أدتها طوجي.وتضمّن عمل أسامة الرحباني 13 مشهداً، وجمع أغاني وطنية وثورية ونقداً اجتماعياً ودبكة لبنانية. وجاءت كلمات الأغاني مشتركة شعراً بين منصور وأسامة وغدي الرحباني.أما في الاستراحة الثانية، فعرض فيلم وثائقي يلخص مراحل العمل والتحضيرات التقنية، التي سبقت افتتاح المهرجان لهذه السنة.الاحتفال من إخراج باسم كريستو عاونه ايلي رزق، ونقل مباشرة على شاشة الـMTV اللبنانية.
تقنيات ومؤثرات مبهرة
كعادته في الأعمال كافة التي يتولّى إخراجها المسرحي، أبدع المخرج مروان الرحباني في إضفاء صفة العالمية على الأرض، فمن خلال الشاشات الثلاثية الأبعاد، دمج بين الصورة وبين الاستعراضات الحية على المسرح، بين الراقصين والراقصات والمنشدين والمنشدات، ما أضفى إبهاراً وروعة، فجاء العرض فريداً بشكل وتقنيات يشهدهما لبنان للمرة الأولى. اللافت في العرض أن الغناء كان مباشراً على المسرح مع فرقة موسيقية ضخمة، وجوقة جامعة سيدة اللويزة بقيادة الأب خليل رحمة. لا شك في أن أسامة وغدي ومروان الرحباني تأثروا بشكل كبير بالمكان، فصمموا على تقديم عمل يوازي هيبته ومكانته التاريخية. معروف أن شجر الأرز رمز لبنان، وغابته الدهرية تعود إلى آلاف السنين، بالتالي أي عمل يقدم فيه يجب حكماً أن يوازي أهميته التاريخية والروحية.لم يغب عن العرض الأخوان رحباني عاصي ومنصور، وفيروز، ووديع الصافي، والعمالقة الذين صنعوا مجد الفن في لبنان، فكانت تحية لهم من خلال تقديم أغانٍ لهم بصوت هبة طوجي والجوقة، وصدح صوت «الكبير» عاصي الرحباني في أرجاء المسرح والغابة يردد بقوة «ازرعيهم بالوعر أرز وسنديان وقوليلهن لبنان بعد الله يعبدوا لبنان»، من أجمل ما كتب الشاعر سعيد عقل، وهذه العبارة مستلة من إحدى مسرحيات الرحابنة التي قدموها في مهرجانات بعلبك الدولية، ولا يزال يتردّد صداها في أرجاء الوطن، للحثّ على التمسك بالأرض وبالهوية والحفاظ عليهما.بساطة وأناقة
تألقت هبة طوجي بإطلالة ساحرة، تتسم بالبساطة والأناقة، وملأت المسرح الضخم بصوتها الشجي، فغنّت وغنت وأطربت الجمهور الذي تفاعل معها، وردّد أغانيها. وكانت بلدية بشري، أمنت جولات سياحية مجانية على أربعة مواقع، لكل من رغب في حضور المهرجان، وهي: غابة الأرز، متحف جبران خليل جبران، مار شربل في بقاع كفرا، موقع مار الياس في حدشيت، وحديقة مار جرجس العامة.كذلك أمّنت لجنة مهرجانات الأرز الدولية دليلات سياحيات رافقن المتوجهين بالباصات من بيروت وطرابلس والكورة إلى الأرز، وقدمن لهم معلومات سياحية وتاريخية عن قرى وبلدات منطقة بشري. في حين استقبل طلاب القوات اللبنانية عند جادة سمير فريد جعجع الوافدين إلى المهرجان، وقدموا لهم وردة حمراء وعبوة مياه ومجسماً تذكارياً للأرزة. نجح أسامة ومروان وغدي الرحباني في إدارة فريق ضخم بدقة متناهية لدرجة أن العرض لم تشبه شائبة، بل سار كل شيء وفق ما خطط له من دون أية عرقلة أو تأخير، وهو أمر يحسب لهم، ويجعل اللبنانيين يفتخرون بمن يحرصون على إبقاء مشعل الإبداع الذي ورثوه عن أهلهم مشتعلاً.