التصويت الأممي ضد كوريا الشمالية نجاح أميركي
لا يمرر مجلس الأمن في الأمم المتحدة كل يوم قراراً بالإجماع، ولكن هذا ما حدث عندما وافق على القرار 2371، الذي يقدّم عقوبات أكثر تشدداً ضد كوريا الشمالية، بما فيها حظر بيعها الفحم الحجري، والحديد، والفولاذ.كان السؤال الأبرز، الذي بقي مفتوحاً على كل الاحتمالات إلى أن عُقدت عملية التصويت: ما الاتجاه الذي ستسلكه الصين؟ كان استعمالها حق النقض مستبعداً، إلا أن امتناعها عن التصويت على تدابير قد تعوق، وإن جزئياً، اقتصاد الصين، وربما تحد نفوذ بكين في جارتها الشمالية، ظل محتملاً بالتأكيد.في النهاية، يبدو أن الصين استنتجت أن الخطر الذي تشكله قدرة كوريا الشمالية النووية العسكرية المتنامية يلغي أي اعتبارات أخرى، وربما أخذت الصين في الاعتبار أيضاً الانتقاد الذي قد تواجهه إذا أحجمت عن التصويت، والاستحسان الذي قد تفوز به بانضمامها إلى الإجماع الدولي.
شكّل هذا القرار رداً مباشراً على اختبارات كوريا الشمالية الصاروخية، التي صار بإمكانها للمرة الأولى بلوغ الولايات المتحدة على ما يبدو، في وقت لا تبرع الولايات المتحدة عموماً في حشد الدعم الدولي للتصدي لمخاوفها الخاصة، فكان بالأحرى دعم الأمم المتحدة؟ لكنها حققت النجاح هذه المرة.من الممكن لأسباب عدة أن تعلل هذا النجاح، منها بعض التحضير الذكي الذي قام به وزير الخارجية ريكس تيلرسون، صحيح أن الشائعات تشير إلى أنه قد يترك منصبه مستاءً، إلا أنه ظهر قبل أيام ليقدّم لوسائل الإعلام رسالة بدا جلياً أنها موجهة في المقام الأول إلى كوريا الشمالية وجيرانها. أعلن تيلرسون: "لا نسعى إلى تغيير النظام، لا نسعى إلى تقويض النظام، لا نسعى إلى تسريع وحدة شبه الجزيرة، ولا نسعى وراء أعذار لإرسال جيشنا إلى خط عرض 38 شمالاً"... وهكذا عالج تيلرسون بصراحة بعض المخاوف على الأقل التي تقف بالتأكيد وراء سعي كوريا الشمالية لتطوير أسلحة نووية.في تناقض واضح مع العدائية التي سمعناها من الطرفين في الأشهر الأخيرة، طرح تيلرسون أيضاً عرضاً (وإن مشروطاً) لخوض محادثات مباشرة وتقديم ضمان أمني محتمل، صحيح أنه من غير المنطقي أن نتوقع أن تتخلى بيونغ يانغ في الحال عن طموحاتها، إلا أن مجرد إثارة احتمال عقد محادثات يعالج وجهاً آخر من طريقة التفكير الكورية الشمالية.وفي المؤتمر الصحافي ذاته، قدّم تيلرسون إلى الصين أيضاً تنازلاً صغيراً لكنه مهم، رافعاً عنها صراحةً مسؤولية "هذا الوضع في كوريا الشمالية". وقد شكّل كلامه هذا تناقضاً واضحاً مع ملاحظات ترامب السابقة، حين اقترح أن الصين تستطيع حل هذه المشكلة إذا أردت ذلك حقاً. علاوة على ذلك، تشير صياغة قرار الأمم المتحدة إلى أخذ ورد أقنع على الأرجح الصين وروسيا بتأييد القرار بدل الامتناع عن التصويت، إذ يدعو هذا القرار أولاً إلى العودة إلى المحادثات السداسية، التي يشكّل نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية هدفها الأول، ولطالما كانت نوايا كوريا الشمالية في هذا المجال مشكوكاً فيها، ولكن مع تعبير الحكومة في كوريا الجنوبية عن اهتمام جديد بالعودة إلى الدبلوماسية، ومع تحقيق برنامج بيونغ يانغ النووي هذا القدر من التقدّم، لا يُعتبر هذا الاحتمال بعيداً.في زمن يبدو فيه التوجه العام (كما يتضح من الخلاف بشأن ترامب وانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي) نحو الانفصال بدل الاتحاد، يُظهر الإجماع بشأن كوريا الشمالية والجمع المتقن بين الترهيب والترغيب تطوراً إيجابياً، وبما أن الأخبار الجيدة باتت نادرة في العلاقات الدولية، فإنها تستحق بالتأكيد كل التقدير والاهتمام عندما تحدث.* ماري دييفسكي* (ذي غارديان)