رحيل المخرج جان شمعون مؤرخ الحرب اللبنانية

توفي في بيروت مساء أمس الأول المخرج اللبناني جان شمعون، الذي يعد من مؤسسي السينما الوثائقية في لبنان، وصور في أعماله محطات من الحرب وما تفرع منها من قضايا ما زالت شائكة في هذا البلد.

وقال نجا الأشقر صديق المخرج الراحل، وتعاون معه من خلال نادي "لكل الناس" المعني بنشر الثقافة السينمائية في لبنان: توفي جان شمعون في منزله في بيروت بعد سنوات من المعاناة مع المرض.

وينتمي شمعون إلى جيل من الفنانين اللبنانيين، والسينمائيين خصوصا "التزموا القضايا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، في أعماله، في وقت كان الالتزام له معنى"، بحسب الناقد السينمائي والكاتب نديم جرجورة.

وقال جرجورة "في البداية كان الحس الجماعي والأيديولوجيا من الأمور الطاغية في أعماله، لكنه بعد ذلك بدأ بالتركيز أكثر على الناس، أصبحت لديه قناعة بأنه لا يمكن الحديث عن قضية ما إلا من خلال الأشخاص المتأثرين بها بشكل مباشر".

وأضاف: "بهذا المعنى يكون جان شمعون من الذين خطوا الخطوة الأولى في السينما الوثائقية في لبنان".

وثّق جان شمعون في أفلامه محطات مهمة من تاريخ الحرب اللبنانية (1975-1990) منها الاجتياح الاسرائيلي وحصار بيروت عام 1982، وحصار ميليشيات لبنانية للمخيمات الفلسطينية بعد منتصف الثمانينيات، وقضية المخطوفين والمختفين في سنوات الحرب، وهي قضية ما زالت تشكل جرحاً مفتوحاً يطال آلاف العائلات اللبنانية.

في عام 2001، بعد عام على الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، انطلق جان شمعون مع نادي "لكل الناس" في جولة على القرى اللبنانية في مختلف المناطق لعرض فيلم "طيف المدينة" الذي كان "يثير قضايا الحرب ويفتح باب الأسئلة والنقاش مع الناس حول ما جرى خلالها بشكل لا يخلو من الانتقاد ويسبب التوتر أحياناً مع القوى المحلية" التي كانت منخرطة في النزاع، بحسب نجا الأشقر.

ويضيف الأشقر: "في ذلك الوقت، أي بعد سنوات على انتهاء الحرب اللبنانية وبعيد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي، كان الناس متعطشون لهذا النوع من الأفلام الذي يطرح الأسئلة حول ما جرى على أرضهم في سنوات الحرب".

وإذا كانت الجديّة تطبع أعمال جان شمعون التي تتمحور حول القضايا التي كان يؤمن بها، والهواجس والأسئلة تساوره باستمرار، فإنه في حياته اليومية كان "سيّد السهرات في المزاح والسخرية، وكانت روح النكتة هي الطاغية على شخصيته"، وفقاً لنديم جرجورة.

ولد جان شمعون في البقاع شرق لبنان عام 1944، ودرس السينما في بيروت ثم في فرنسا حيث تأثر بأجواء الثورة الطلابية في فرنسا (مايو 1968)، وأخرج مجموعة من الأفلام منها ما نال جوائز في مهرجانات عالمية.

وهو متزوج من المخرجة الفلسطينية مي المصري ولهما مجموعة من الأفلام المشتركة.

ومن أعماله "طيف المدينة"، و"رهينة الانتظار"، وأحلام معلقة"، و"بيروت جيل الحرب" و"مصابيح الذاكرة"، و"يوميات بيروت".