هكذا نحارب الفساد؟!
هيئة مكافحة الفساد من أهم أجهزة الدولة الرقابية اليوم، ويعوّل عليها كثيراً في تغيير السلوكيات المنحرفة إدارياً ومالياً واسترجاع هيبة القانون وحرمة الأموال، ولكن مع مثل هذه البدايات المتعثرة والممارسات التي لا تدرأ عن نفسها الشك والريبة، وإن لم يكن فيها أية انتهاكات للقانون، لا يمكن أن نتفاءل كثيراً.
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
الهيئة تمارس علمها حالياً في مبنى مدرسي بمنطقة الشامية الراقية، وقد صُرِف على هذا المبنى الملايين من الدنانير وتم تحويله إلى مقر أنيق وواسع كان يستوعب أكثر من ألف طالب ومئة من الجهاز التدريسي، فكيف لا يستوعب 20 موظفاً؟!الهيئة برموزها من السادة المستشارين الأفاضل الذين قضوا سنوات طويلة في مرفق القضاء الشامخ، وبما تحملوا من مسؤوليات جسيمة، يفترض أن تكون النموذج الأول للشفافية والرمز الذي تحتذي به بقية الهيئات والمؤسسات الحكومية في الدولة لتبسط هيبتها ومصداقيتها على الجميع ثم تحاسب وتراقب الكل.يروي التاريخ قصة رائعة للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) إبان خلافته للدولة الإسلامية عندما كان يضيء شمعة في بيت المال لمراجعة الأمور المالية وأثناء دخول أخيه عقيل أطفأ تلك الشمعة لأن شقيقه حضر في أمر شخصي لا يمت إلى العمل الإداري بصلة، فهذا هو سلوك الكبار، وهكذا تكون القدوة الصالحة والقيادة الراشدة.هيئة مكافحة الفساد من أهم أجهزة الدولة الرقابية اليوم، ويعوّل عليها كثيراً في تغيير السلوكيات المنحرفة إدارياً ومالياً واسترجاع هيبة القانون وحرمة الأموال، ولكن مع مثل هذه البدايات المتعثرة والممارسات التي لا تدرأ عن نفسها الشك والريبة، وإن لم يكن فيها أية انتهاكات للقانون، لا يمكن أن نتفاءل كثيراً، ونتمنى من السادة الأفاضل المؤتمنين على هذا الجهاز الحساس أن يعيدوا النظر في بعض قراراتهم، لاسيما موضوع الأرض والمكافآت الخيالية والمزايا الارستقراطية، ليكبروا أكثر وأكثر في عيون المجتمع وتساوي قيمتهم المتمثلة في شخوصهم أضعاف قيم المباني و"البرستيج" المادي!