دور شعوبنا في القرارات

إن القرارات والإجراءات التي اتخذت في إطار العلاقات بين دول المنظومة الخليجية ما كان يجب اتخاذها على الإطلاق، وإذا لم يكن هناك بد من ذلك فكان يجب أن تأخذ منحى آخر تماماً خلافاً لما ظهرت عليه؛ فأبعادها كانت خطيرة جداً وكارثية، فهي لم تقف عند حدودها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية المؤلمة فحسب، بل تجاوزتها إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث لاحظنا ومن ضمن ما لاحظناه خلق أجواء رهيبة من الكراهية والبغضاء بين الشعوب المعنية والتي أخذت تتزايد يوماً بعد يوم، وهذا يشكل أحد الجوانب الخطيرة في الموضوع، والذي علينا جميعا العمل على حده ومكافحته.

هذه الشعوب، وكما نعلم جميعا ومن واقع المعايشة الحياتية، تجتمع فيما بينها بعلاقات ووشائج وصلات قرابة عائلية قلما تجدها بين أي شعوب أخرى. وهذا ما تأكدت منه شخصيا من خلال فترة عملي في المنظومة الخليجية مدة تزيد على ثماني سنوات في وزارة الخارجية، حيث لم أشعر أنا وغيري بأننا ننتمي إلى دول مستقلة عن الأخرى بل إلى دولة واحدة، وقد كان هذا المبدأ يستحوذ على شعورنا وأذهاننا، ولا يزال يخالجنا حتى الآن، وسيستمر معنا ما حيينا رغم انتمائنا إلى كيانات سياسية دولية مستقلة.

لذلك كنت وغيري من الغالبية الساحقة من أبناء هذه المنطقة نعيش حالة ذهول مطلق مما حدث، والذي نتمنى ألا يستمر. وعلينا كشعوب بذل الجهود لتدارك الآثار الكارثية والخطيرة، وعلينا من خلال هيئاتنا التشريعية وجمعياتنا الأهلية أن نسعى إلى بذل جهودنا الطيبة التي من شأنها إعادة جسور الأمل والمحبة بين دولنا وشعوبنا، فما حدث لا يتعلق بعلاقات بين حكوماتنا بل امتد ليشمل جميع جوانب حياتنا، وهنا يكمن الواجب المنوط بنا.

فالشعوب تلعب في الأنظمة الديمقراطية الدور الأساسي في أمور أقل بكثير من تلك التي اتخذت القرارات بشأنها، لذلك نلاحظ أنه يتم عادة اللجوء إلى الاستفتاءات لاستمزاج رأيها، كما حدث في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي واستفتاء انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة وغيرها من الأمور المماثلة.