المغرب - أكبر اقتصاد عربي - يتلكأ في تعويم الدرهم

• تهافت على شراء الدولار واليورو في ظل انعدام اليقين
• هبوط احتياطي النقد 3 مليارات دولار خلال ربع سنة فقط

نشر في 11-08-2017
آخر تحديث 11-08-2017 | 20:00
No Image Caption
على مدى 5 عقود من عمليات استيراد الأسلاك الفولاذية لم تشعر شركة زهار بن موسى بقلق إزاء مخاطر سعر صرف العملة الى أن أعلن المغرب خططه لتعويم الدرهم.

يقول بن موسى، وهو العضو المنتدب في شركة غريليج ماروكنز Grillages Marocains التي تتخذ من الدار البيضاء مقراً لها

"لأول مرة في تاريخنا نبدأ بالتحوط" في سوق العملات. وقد أدت المخاوف من انخفاض سعر صرف الدرهم في المغرب الى موجة من التدافع على شراء الدولار واليورو، مما أفضى الى هبوط بثلاثة مليارات دولار في احتياطي ذلك البلد خلال ثلاثة أشهر فقط من هذه السنة.

وفي شهر يونيو الماضي قررت الحكومة المغربية تأجيل خططها من جديد. وكانت المرة الثانية على الأقل التي تؤجل فيها تحركاً يدعمه صندوق النقد الدولي، ويشكل مرتكزا محوريا في طموحات المغرب للتحول الى وجهة مالية رئيسية في شمال إفريقيا.

وبحسب تشارلز روبرتسون، وهو كبير الاقتصاديين العالميين لدى رينيسانس كابيتال Renaissance Capital، التي تتخذ من لندن مقراً لها، فإن التأجيل يعني أن البلاد تهدر "وقتاً ثميناً" فيما يتعلق بتحرير اقتصادها من قيود التحكم المركزي.

وقال روبرتسون بعد رحلة تقصي في المغرب في شهر يوليو الماضي "إنه الخوف من المجهول والتشاؤم من جانب الشركات"، ويضيف "كما تلوح أيضاً في الأفق تجربة مصر التي فقدت عملتها نصف قيمتها مقابل الدولار، بعد أن ألغت الحكومة الرقابة على الصرف في شهر نوفمبر الماضي، بغية انهاء النقص في حجم العملات الأجنبية".

وفيما أصر حاكم المصرف المركزي عبداللطيف جوهري مراراً على أن التعويم سيحدث بصورة تدريجية اعتباراً من النصف الثاني من هذا العام، ليس من الواضح بعد متى سيحدث تحرير العملة هذا.

وقال رئيس الوزراء سعد الدين العثماني في الأول من شهر يوليو الماضي، إن المرحلة الأولى ستسمح بتقلب العملة ضمن نطاق يومي من 5 في المئة مرتفعاً عن 0.6 في المئة في الوقت الراهن.

ويرتبط الدرهم المغربي بسلة من عملتين يشكل اليورو 60 في المئة منها ويشكل الدولار الـ40 بالمئة المتبقية. وقد هبط بنسبة 4.4 في المئة مقابل اليورو في هذه السنة، ولامس أدنى مستوى له عند 11.1831 لليورو في الأسبوع الماضي.

وأبلغ المتحدث باسم الحكومة مصطفى الخلفي الصحافيين في السادس من يوليو أن "التحرك نحو نظام تبادل أكثر مرونة –وليس تعويماً– لايزال مطروحاً ولكن البدء بذلك سيتم في الوقت المناسب. ويريد رئيس الوزراء التحري عما تعنيه التقلبات أو الهبوط في قيمة العملة ليس فقط فيما يتعلق بالقوة الشرائية لسكان المغرب الـ 34 مليون نسمة، انما الى الشركات التي لديها أنشطة في الخارج أيضاً.

ويرى البعض وجود فرص من خلال العملة الأضعف. وقال عبدالحي بيسا وهو الرئيس التنفيذي لشركة سوميتكس لانتاج النسيج والملابس إنه يأمل في "هبوط منتظم" لقيمة الدرهم يساعد المنتجات المغربية على منافسة المنتجات التركية والصينية.

وأضاف أن "السلطات تقول إنها تريد أن تحسن الشركات المغربية صادراتها أن تتوسع في افريقيا شبه الصحراوية، ولكننا ببساطة لا ننافس بصورة كافية الآن. وقد يغير اصلاح العملة من هذا الوضع".

وعلى الرغم من ذلك قد تتفاقم المشكلة على وقع الاضطرابات التي يشهدها المغرب منذ تعرض بائع سمك الى القتل في حاوية قمامة في شهر أكتوبر الماضي خلال حملة للشرطة. وأصبح هذا الحادث نقطة رئيسية في حركة احتجاج تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية. وفي الأسبوع الماضي توفي أول محتج منذ بدء الاحتجاجات متأثراً بجروح أصيب بها في الرأس خلال مسيرة مناوئة للحكومة في مدينة الحسيمة الشمالية في شهر يوليو الماضي.

وقد يكون لتلك الاحتجاجات دور طفيف في تأجيل خطط التعويم، بحسب ريكاردو فابياني، وهو محلل شؤون إفريقيا الشمالية لدى مجموعة أوراسيا في لندن.

وقال إن الأكثر أهمية كان الصراع السياسي الداخلي والحاجة الى تأكيد العثماني لسلطته. وكان العثماني تسلم رئاسة الوزارة في شهر مارس الماضي ليقود ائتلافاً من ستة أجنحة منهياً مأزقاً سياسياً استمر خمسة أشهر، واضطر الملك محمد السادس الى التدخل.

وقال فابياني إن "الكل يتجاهل" رئيس الوزراء، حيث يقوم وزيرا الداخلية والعدل بمعالجة القلاقل وهما من المقربين من القصر الملكي. وكان البنك المركزي الهدف الأسهل نسبياً لإظهار العثماني أنه في موقع المسؤولية "وليس غير فعال" حسب قوله.

ولكن حتى في هذه الحالة، يقول محللون إن اقتصاد المغرب في وضع مناسب يتيح له رفع القيود عن الدرهم. وخلافا للوضع في مصر قبل التعويم يتمتع المغرب بدرجة تصنيف استثماري عالية وقطاع خاص واسع. ومع توقع وصول النمو الى 4.1 في المئة في عامي 2017 و2018 قد تتفوق الرباط في الأداء على معظم الدول العربية بما فيها مصر وتونس بل حتى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات.

وتشير التوقعات الى هبوط العجز في ميزانية المغرب الى 3.1 في المئة في هذه السنة منخفضاً عن 4.2 في المئة في العام الماضي، بحسب تقديرات اقتصادية جمعتها بلومبرغ، كما أن معدل التضخم يقل عن 2 في المئة.

ويقول بدر فاسي فهري الذي يعمل في تداول العملات لدى بنك سنترال بوبيلير "ليس من الواضح بجلاء ما اذا كان الدرهم سيتحسن أو ينخفض عندما يحظى بمزيد من المرونة".

وكان التأجيل سهلاً بالنسبة الى رئيس الوزراء لأن المغرب – بخلاف مصر – لا يواجه أزمة عملة تتطلب اجراء فورياً، بحسب رهام الدسوقي وهي كبيرة الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار الاقليمي أرقام كابيتال.

وقالت الدسوقي إن السلطات "تفكر طويلاً حول ما يمكن أن يحدث من خطأ لأنها ببساطة لا تستطيع تحمل ذلك". وقال بن موسى إن التأجيل المتكرر يفاقم التقلبات "كما أن تردد السلطات يثير قدرا من الشكوك أيضاً".

back to top