ينتقل معظم المصريين يومياً بين جنبات أحياء العاصمة المصرية القاهرة "نحو 15 مليون مواطن" وعدد من المدن المجاورة لها، باستخدام وسيلتين من وسائل النقل العام التابعة للحكومة، الأولى هي "مترو الأنفاق"، والثانية هي حافلات "النقل العام"، التي قررت الحكومة الأسبوع الماضي أن ترفع أسعار تعريفة ركوبها، بنسبة 50 قرشاً، الأمر الذي يمثل عبئاً على ركاب هذه الحافلات من بسطاء الطبقة الوسطى والفقيرة في مصر.

في موقف حافلات قريب من "ميدان الجيزة"، جنوب القاهرة، يقف عدد كبير من المواطنين في انتظار "أتوبيس" النقل العام، الذي يقلهم إلى مقار أشغالهم صباحاً، أو يعود بهم إلى منازلهم في المساء، وهي الحافلات التي زاد الإقبال عليها عقب لجوء قطاع من الطبقة المتوسطة إلى وسائل "النقل العام"، بعد تطبيق قرار زيادة أسعار المحروقات، ورفع أسعار تعريفة ركوب السيارات الخاصة "التاكسي"، وسيارات الأجرة "الميكروباص"، مطلع يوليو الماضي، كجزء من خطة رفع الدعم "تدريجياً" عن المحروقات، والتي تطبقها الحكومة المصرية، تنفيذاً لشروط وضعها "صندوق النقد الدولي"، مقابل إقراض مصر 12 مليار دولار، عبر 3 سنوات.

Ad

قرار رفع أسعار المحروقات دفع القائمين على هيئة النقل العام في محافظات "القاهرة الكبرى" وهي: القاهرة والقليوبية والجيزة، إلى مراجعة أسعار تذاكر ركوب الحافلات التابعة لهيئة النقل العام، واتخاذ قرار بزيادتها، من دون أن يلتفت إلى هموم "الحاجة سمية"، ربة المنزل الخمسينية، التي تقف بوجه قاس في "الأتوبيس"، حاملة عدة حقائب، تحتوي طعاماً جافاً وخضراوات، وسط زحام شديد.

وسط حر القاهرة اللاهب، لم تتوقف "الحاجة سمية" عن ندب حظها، فبعد زيادة أسعار تذكرة الأتوبيس، ملاذها الوحيد للتحرك داخل العاصمة، تقول وهي تمسح وجهها وتعدل غطاء رأسها: "اللي مضطر بس هو اللي بيركب النقل العام، وفي الآخر مجبر أخاك لا بطل".

الأستاذ رمضان رجل على المعاش، لم يكن قادراً على الوقوف ساعات داخل الحافلة، التي تتحرك ببطء في أحد نهارات أغسطس، من ميدان الجيزة إلى مدينة "الشيخ زايد"، في منطقة "6 أكتوبر"، غرب العاصمة المصرية، فتبرع أحد الركاب الشباب تاركاً له مقعده، وقال: "الغلابة ليهم رب، 5 جنيهات يومياً في الشهر للمواصلات فقط، دول تقريباً ربع المعاش"، ثم نظر من النافذة الزجاجية لـ"لأتوبيس"، إلى أن غرق في سبات عميق، تحت تأثير نسمة هواء دخلت من شرفة الأتوبيس.