تقرير برلماني: «الضرائب»... ملف شائك وطريق مفروش بالشوك
• تشريع غير شعبي في بلد يعطي ولا يأخذ يصطدم بشعار النواب «إلا جيب المواطن»
• هل ستنجح الحكومة في تمرير اتفاقيتي «القيمة المضافة» و«الضريبة الانتقائية»؟
الطريق أمام الحكومة لا يزال طويلاً، ومفروشاً بـ «الشوك»، وعليها الاستعداد لخوض معركة إقرار تشريع غير شعبي يحتاج إلى الكثير من التهيئة لدى الرأي العام المعتاد دولةً تعطي ولا تأخذ.
مع اتساع دائرة الرفض النيابي لمشروعي اتفاقيتي الضريبة الانتقائية، وضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون الخليجي، تدخل الاتفاقيتان كأحد الملفات الشائكة بين السلطتين، وتتضاءل فرص المعسكر الحكومي في تمريرهما من مجلس قام على حملات انتخابية شعارها "الا جيب المواطن".وتعد الاتفاقيتان محطة المواجهة الشعبوية الثانية بين المجلس والحكومة، بعد ان خسر المجلس الجولة الأولى ورفع الراية البيضاء قبل بدئها والخاصة بإلغاء زيادتي البنزين والكهرباء والماء، وقبوله بالأمر الواقع، على عكس ما كان يتحدث عنه أعضاؤه في حملتهم الانتخابية. لكن طبيعة المواجهة الحكومية ـ النيابية هذه المرة تتمايز من حيث الادوات المتاحة أمام المجلس، إذ إن المجلس الحالي يملك هنا حق تقرير مصير الاتفاقيتين، اما بالموافقة أو الرفض أو ركنها في الادراج، خلافاً لتعرفة الكهرباء التي اقرت بقانون عبر مجلس الأمة السابق، وقرار زيادة البنزين الذي انفردت الحكومة باقراره في عهده ايضا، وأمام النواب عدة خيارات في التعامل مع المشروعين، اما رفع سقف التهديد بالتصعيد واستهداف عدد من الوزراء بالاستجوابات مطلع دور الانعقاد، وهو ما اعلنه فعليا غير نائب باستجواب نائب رئيس الوزراء وزير المالية انس الصالح، أو التنسيق من أجل توفير كتلة تصويتية قادرة على اسقاط الاتفاقيتين.
الاصلاح الاقتصادي الذي تنشده الحكومة عبر وثيقتها السابقة، أو المحدثة، ومن ضمن متطلباته "الاتفاقيتان" يصطدم بالشعار الشعبي للنواب، والمجلس المنتخب شعبيا يعرف جيدا الفاتورة التي سيدفعها اذا وافق على هكذا قوانين، رغم ايمانه بأهميتها وحتميتها.
زيادة البنزين
التصريحات النيابية المتتالية التي ملأت اوراق الصحف في الايام الماضية وكانت حديث مواقع التواصل الاجتماعي، تعيد إلى الاذهان المشهد عندما اقرت الحكومة زيادة اسعار البنزين في عهد المجلس السابق، في موجة من الرفض القاطع لأي زيادة، ثم ارتضى النواب بعد ذلك بالامر الواقع (كما الموقف نفسه بالنسبة للنواب الحاليين)، بعدما وافقت الحكومة على مقترح صرف 75 ليتر بنزين شهريا لكل مواطن (لم ينفذ فعليا الى الان).لكن يبقى السؤال: هل ستنجح الحكومة بعد اقرار قانون زيادة الكهرباء والماء وقرار زيادة اسعار البنزين في مواصلة تنفيذ وثيقة اصلاحها الاقتصادية عبر اقرار هذين المشروعين اللذين يعدان احد متطلباتها؟ أم أن مجلس الأمة الذي جاء في ظروف مختلفة عن مجلس ٢٠١٣، باجندة عنوانها "اسقاط الوثيقة وحماية جيب المواطن" سيكون له كلمة أخرى وسيقف حجر عثرة أمامها؟يجيب المراقبون عن هذا السؤال بالقول "إن الوضع السياسي الراهن يشير الى ان الاصوات اللازمة لاسقاط المشروعين متوفرة، ولن تغامر الكتلة التصويتية للحكومة بمستقبلها السياسي ارضاءً لها، بل سيكون صوتها اقوى من اصوات النواب المحسوبين على المعارضة ذاتها، في ظل عدم تهيئة الحكومة للشارع الكويتي التهيئة المناسبة لاهمية هذا التوجه".لذا يجب على الحكومة، كما يقول المراقبون، وقبل مناقشة الاتفاقيتين في مجلس الأمة "تهيئة البيئة الادارية والتشريعية والقانونية الى جانب تهيئة المجتمع الكويتي بهما، عبر توعيته بحملة موسعة بالمزايا التي ستحققها ومنها القضاء على تصرفات وعادات استهلاكية غير منتجة وتحسين مستوى الخدمات".الإصلاح الضريبي
أخيرا وليس اخرا، فان الحكومة بدأت بالفعل في فتح ادراجها، بحثا عن ملف الاصلاح الضريبي، المركون بها منذ 2005، عندما تعاقدت وقتها مع شركة استشارية اوروبية، لاستطلاع فرص الاصلاح الضريبي، لكن الطريق لايزال طويلا ومفروشا بـ "الشوك"، وعليها الاستعداد لخوض معركة اقرار تشريع غير شعبي يحتاج الى الكثير من التهيئة، لدى الرأي العام، المعتاد دولة تعطي ولا تأخذ، في وقت تبقى الاتفاقيتان الخليجيتان بالونة اختبار حقيقية، فاما أن تقرا وتكونا حافزا للحكومة للاستمرار في طريقها أو ترفضا فيكون الرجوع إلى الوراء.