باحث عن قبر جده!
مجرد صاحب مقهى في حيٍّ من أقدم أحياء مدينة الإسكندرية، حي "كوم الدكة"...إنه استيليو كراتستوس... يوناني ولد في الإسكندرية، وعاش حياته فيها، بدأ عاملاً صبياً يقدم المشروبات لرواد المقهى. كان نشطاً سريع الحركة، وكان وسيماً، وهو من أكثر الناس إدماناً على القراءة، فكان يمضي معظم ساعاته في مكتبة الإسكندرية، حينما يفرغ من عمله.وقعت في غرامه ابنة صاحب المقهى، وأصرّت على الزواج منه، رغم معارضة والدها:
* يا ابنتي، هذا الشاب مغرم إلى حد الهوس بالقراءة، ولا حديث له غير الكلام عن تاريخ الأجداد القدامى منذ آلاف السنين، فمن أين له الوقت لرعايتك؟!- أبي: إني أحبه... أليس هذا كافياً للزواج منه؟!***وبعد أن توفي الأب آلت إليه إدارة المقهى، بحكم أنه زوج صاحبته، وكان عندما يقفل المقهى في منتصف الليل يتجه لممارسة الحفر في منطقة محددة من مناطق الإسكندرية، مما أثار حفيظة زوجته:* استيليو، هذا الذي تفعله هو الجنون بعينه!- لا تخافي، فأنا أحفر حسب خريطة واضحة.* فماذا لو علمت البلدية؟ ستُسجن يا استيليو.- وهل يسجنون علماء الحفريات؟* العلماء يسيرون وفق توجهات رسمية وعملية وتصاريح من مصلحة الآثار.- قطعة الأرض التي أحفرها قد اشتريتها، فهي من أملاكي. * فماذا لو عرفوا حقيقة ما تفعل؟- سأطلب منهم إعطائي رخصة رسمية بالحفر.* ولو سألوك لماذا تحفر!- أقول لهم ببساطة: أبحث عن قبر جدي الإسكندر المقدوني.***وفي أثناء حفره عثر على بعض التماثيل، وقام ببيعها، فظهر عليه بعض الثراء الذي استثار ريبة الجهات الرسمية، فطلبوه للتحقيق:* أنا أتاجر بالمخدرات؟- فمن أين لك هذا الثراء؟* يا سيدي، أقوم بالحفر بحثاً عن تاريخ أجدادي، وبعت بعض التماثيل.- هل لديك ترخيص بذلك؟* سوف أطلبه من مصلحة الآثار.***أُحيل إلى عدة جهات رسمية سمحت له بالحفر، فوصل به الأمر إلى الحفر تحت مسجد النبي دانيال، فثارت ثائرة المسلمين، وتدخلت الشرطة لحمايته من أيديهم، وهو يصيح: قبر جدي الإسكندر... قبر جدي الإسكندر. وظل يكررها إلى أن توفي عام 1971، فظن الناس أنهم استراحوا من استيليو كراتستوس.وما هي إلا فترة وجيزة، حتى فوجئ الناس أمام مسجد النبي دانيال بمن يقف، وفي يده معوله، صائحاً: أنا خريستو ابن استيليو كراتستوس، وقبر جدي تحت هذا المسجد، سأحفره مهما كان الثمن!ولولا تدخل الشرطة لإنقاذ الشاب لحلّت به كارثة!