يحمل عنوان ديوانك الجديد «صوفية في الحانة» معاني رمزية كثيرة. أخبرينا عنها.

Ad

أريد الاحتفاظ لنفسي بالمعنى الذي أقصده كي أترك للقارئ مجالاً رحباً ليتخيل ما يشاء من صور تجول في خاطره، ويعيش عالمه الخاص بعيداً عن حوادث الواقع التي يسعى الإنسان غالباً إلى الهروب منها، فهذه هي متعة الخيال الإبداعي التي يحملها الشعر إلى المتلقي. الحانة هنا لا تعني بالضرورة مكان احتساء الخمور، تماماً كما كان العشق في شعر الصوفيين لا يعني العلاقة بين الرجل والمرأة، بل العشق الإلهي.

لماذا تسيطر النزعة الصوفية على قصائدك؟

يصفني كثير من النقاد كشاعرة صوفية بسبب كتاباتي المتعددة في الإنشاد الديني، وثمة منشدون يمنيون تغنوا بقصائدي التي كتبتها في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وتأثرت كثيراً بالشعر الصوفي، خصوصاً ابن عربي وابن الرومي، واهتمامهما بالدلالات الرمزية والصورة الخالية المستعارة.

حياء وكبرياء

إلى أي مدى يساهم استخدام الشاعر لغة بسيطة في التواصل مع المتلقي؟

الوصول إلى المتلقي بأسلوب سهل فيه قدر كبير من السلاسة البعيدة عن تعقيدات اللغة هدف رئيس بالنسبة إلي، ولكن بشرط ألا تفقد هذه اللغة المتعة التي تجعل القارئ مهتماً بمواصلة القراءة حتى النهاية، فأنا أحاول الوصول إلى جميع فئات المجتمع بعيداً عن تعقيدات البلاغة.

المرأة في قصائدك مزيج من الحياء والكبرياء. هل هذه محاولة للعودة إلى الرومانسية التقليدية؟

المرأة بارعة في إخفاء حبها، وفي مزج الحياء بالكبرياء، ومليئة بتناقضات محيرة تجعلها مثيرة للفضول. تبدو هادئة جداً من الخارج، لكن في داخلها بركان خامد، وهي تعرف متى تحنو ومتى تقسو، وتقع في الحب فجأة من دون سابق إنذار، فتكابر وتخفي حبها عمن تحب رغم أنها تتمناه، وقد يختلط الأمر فيبدو الحياء وكأنه كبرياء فتترك حبها وهي لا تريد سواه. ولكن هيهات، فربما لا يفضح شعور الحب إلا محاولات إخفائه.

تتحدثين في ديوانك عن تلاقي الأرواح، إلى أي مدى تؤمنين بهذه الفكرة؟

في اعتقادي، خُلقت الأرواح في دوائر ثم انفصلت لتبدأ دائرة البحث للقاء مجدداً. لكل واحد منا في هذا العالم نصف واحد يكمله، ولا يصلح لأي نصف آخر. هو إنسان تائه في الزحام يُظهره الله أمامك وسط ملايين البشر، ومن دون سابق إنذار تعرف عندئذ أنه هو من يلائم طبيعتك، ولا يعنيك عمره ولا شكله. إنه الشخص الوحيد الذي تنتابك معه مشاعر غير قابلة للتفسير تجعلك تشعر وأنت برفقته أنك في حال من التكامل والتوافق وأنك تعرفه منذ سنوات طويلة مع أنك لم تره إلا قبل فترة وجيزة. إنه الشعور الفطري بأن ذلك الشخص هو من كنت تبحث عنه منذ زمن. هذا النوع من الحب هو التعارف خارج نطاق الوعي. إنها تلك الحالة التي يكون فيها اللاوعي سابقاً في التقاط طيف الطرف الآخر والتجاذب معه قبل أن يلتقي الطرفان على أرض الواقع.

البابطين والشعر

كيف بدأت مسيرتكِ مع الشعر؟

بدأت الكتابة منذ سن مبكرة في المرحلة الابتدائية. كنت أعشق قراءة القصص القصيرة، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الاهتمام بالأعمال الروائية والشعر، وخلال دراستي في الجامعة كتبت قصائد شعرية حازت اهتمام زملائي وأصدقائي، ونمت في داخلي رغبة شديدة في دراسة علم العروض، كي أستطيع الكتابة بأسلوب جذاب، بالإضافة إلى عشقي الشديد للقصيدة العمودية التي تلتزم بالوزن والقافية، ثم انتقلت بعد ذلك إلى مرحلة احتراف الشعر منذ تسع سنوات تقريباً، ودخلت مسابقات شعرية عدة، وحصلت فيها على جوائز في مصر والأردن ودولة الكويت، حيث حصلت على المركز الرابع في الشعر أخيراً في مسابقة الإبداع الشعري الكبرى التي تنظمها «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين».

إلى أي مدى كان حصولك على جائرة مسابقة عبد العزيز البابطين مؤثراً في مسيرتك الشعرية؟

في الحقيقة، كان لهذه الجائرة أكبر الأثر في مسيرتي الشعرية لما تمثله «مؤسسة عبد العزيز البابطين» من ثقل في الساحة الأدبية العربية, {من ثم، بدأ كثير من الأدباء والنقاد يعرفون من هي الشاعرة رنا العزام، ودعيت بعد حصولي على الجائزة للمشاركة في «مهرجان ربيع الشعر العربي» في الكويت في مارس الماضي، كذلك شاركت في مهرجانات وندوات شعرية عدة في مصر والأردن وعدد من الدول العربية.

قصيدة النثر

القصيدة العمودية وبين قصيدة النثر لا تزال قائمة، وأنه لا بد من التفريق بين حركة الشعر العربي في منتصف القرن الماضي من جهة، وبين واقع المشهد الشعري الراهن في العقد الثاني من الألفية الجديدة من جهة أخرى، «إذ شهدت مرحلة بدايات بروز تيار شعر التفعيلة صراعاً محتدماً بين الشعراء أصحاب الاتجاه المحافظ وبين الشعراء أصحاب الاتجاه المجدد من رواد المدرسة الواقعية في الشعر العربي الحديث الذين اتخذوا من الاعتماد على التفعيلة لا البيت، أساساً للبنية الإيقاعية للنص الشعري، وهو ما عرف آنذاك بالشعر الحر. ولكن هذه الصراعات أضعفت الحركة الشعرية وساهمت في انقسامها في المحافل الأدبية، فأصبح لمن يكتبون قصيدة النثر محافلهم الأدبية المنفردة، وفي الطرف الآخر من يكتبون القصيدة العمودية لهم محافلهم». تتابع: «ساهم ذلك بلا شك في عدم تقبل الآخر، ولست ضد قصيدة النثر، ولكنني ضدّ تسميتها قصيدة، إذ لا تتوافر فيها شروط القصيدة، رغم أنني أتذوقها كعمل أدبي يجب احترامه واحترام من يكتبه. كذلك شعراء القصيدة الكلاسيكية يتقبلون أحياناً قصيدة التفعيلة، فهي في نظرهم ملتزمة بالوزن، لكنهم لا يتقبلون قصيدة النثر. عموماً، يجب على الجميع تقبّل الأعمال الأدبية واحترامها وتذوقها كي نثري الساحة الأدبية بأفكار جديدة، لأن الصراعات تؤدي إلى هبوط في الثقافة وانتشار الفوضى وظهور أفكار لا تخدم الحركة الثقافية».