«وادي قنديل» للسورية نسرين أكرم خوري...
رواية الحرب الأهلية بعيداً عن تجاذبات الواقع
صدرت عن «منشورات المتوسط» في إيطاليا رواية «وادي قنديل» للكاتبة السورية نسرين أكرم خوري، وهي الأولى لها، وكان مشروع الرواية فاز بمنحة مؤسسة المورد الثقافي الإنتاجية.
تاخذ الحرب حيزاً كبيراً في رواية «وادي قنديل»، وتتناولها الكاتبة نسرين أكرم خوري ليس من منظار تسجيل الوقائع بل النظرة إليها من المستقبل البعيد، فتحلل وقائعها بعيداً عن التأثيرات على أرض الواقع، ولكأن الكاتبة أرادت الهروب لترى ربما بعين ثاقبة ومنطقية الحوادث بعيداً عن التجاذبات والتناقضات. تقاطعت الآراء حول الرواية، كونها الأولى لنسرين أكرم خوري، وتباينت الآراء حولها، لكن يحسب لها أنها تجرأت على الحديث عن حرب لا تزال رحاها تدور بعنف في بلدها وتحصد الأخضر واليابس، فضلاً عن الهجرة والغربة والتهجير...
نص روائي ناضج
في نظرة تقويمية للرواية، يعتبر الناشر أنه «لا يمكننا القول إننا أمام روائية واعدة أبداً، التعبير الأثير عند جميع الناشرين. فنسرين في هذه الرواية أنجزت جميع وعودها بتقديمها نصاً روائياً ناضجاً، ومع أنه عن الحرب، والحرب الأهلية تحديداً، إلا أنه لم يتورط بمزاجاتها. نسرين ذهبت إلى المستقبل مباشرة وجلبته ورمته في وجوهنا». تقع أحداث الرواية في عام 2029، حيث تعود «ثريّا لوكاس» إلى سورية بحثاً عن ذكرياتها التي غرقت مع مركب رماها على شاطئ لارنكا القبرصي، حين كانت في الخامسة من عمرها (عام 2014). تبدأ رحلتها من منطقة بحرية نائية اسمها «وادي قنديل». هناك تقع على مذكرات لكاتبة اسمها «غَيم حدّاد» تسرد فيها غَيم فصولاً من حياتها وحياة بعض الأصدقاء والمدن قبل الحرب وخلالها. وعبر هذه المذكرات ستتعرّف ثريّا إلى مراحل كانت تجهلها من حياة السوريين في تلك الفترة، خصوصاً أن أبطال المخطوط ينتمون إلى بيئات ومناطق مختلفة، ما يقلب مخطّط رحلتها. فتقرّر ثريّا البحث عن مصائر شخصيات غَيم حدّاد.من الكتاب
... «كنتُ أقفُ من وراء بلّور شبّاك الصالة أراقب مرور سيّاراتٍ محمّلةٍ ببيوتٍ وأهلها، أراقبُها كيف ترحل، وأنا واقفةٌ خلف بلّور الشّبّاك، لا أحد يراني، لا أحد يلوّح لي، الكلّ يريد اللحاق بتلك الحياة الّتي على بُعد ربع ساعة. التّفكير بأنني وحدي سأواجه ما يهرب منه الجميع، يا للرّعب! لا يستطيع الإنسان إلاّ الإيمان بذلك، أقصد الإيمان بأنّ وجوده ضمن جماعة يشكّل عامل أمان له، هو ليس أماناً فعليّاً، لكن، فلنقُل الارتياح لتقاسم الكارثة مع الآخرين. أعرف أنْ لا منطقَ في ذلك، أصلاً المنطق أوّل الهاربين في ظروفٍ كهذه. الأسوأ في هذا كلّه هو أنّكَ لا تستطيع رؤية نفسكَ على هيئة بطل حكاية، هربَ سُكّانُها، وتركوه ينفرد ببطولته المطلقة، عقلُكَ يضعكَ أمام الحقيقة القاسية: أنتَ ضحيّةٌ لأمرٍ تجهلُه، ضحيّةٌ لا يسعُها الآن إلاّ محاولة نسيان أنّها مَنسيّة، وأنّ ثمّة حياة كاملة على بُعد ربع ساعة منها. كنتُ أيضاً أراقب الشّارع الفرعيّ، وقد تحوّل إلى رئيسيّ، حظُّهُ (أو ربّما سوء حظِّه) حوَّلَهُ جزءاً من طريق النّجاة هذا، جعلَهُ أكثر حزناً من قبل حين كان مجرّد شارعٍ فرعيّ، تملأُ وجهه الحفر».سيرة ذاتية
كاتبة وشاعرة ولدت في مدينة حمص في سورية عام 1983، حائزة إجازة في الهندسة المدنيّة. تُحضّر رسالة ماجستير اختصاص «هندسة الإدارة والإنشاء». صدرت لها مجموعة شعرية بعنوان «بجرّة حرب واحدة» في دمشق عام 2015.