يتوزع الخليجيون على المناطق اللبنانية كافة، فمنهم من يفضل المكوث في العاصمة بيروت لما تقدمه من خدمات سياحية جمة، كالمطاعم والمقاهي والفنادق الموزّعة على مختلف مناطقها، ومنهم من يختار الإقامة في المصايف اللبنانية للاسترخاء والتمتع بالطبيعة والطقس المعتدل. "الجريدة" جالت في قضاء المتن الأعلى الجنوبي، الذي برز منذ ما قبل الحرب الأهلية عام 1975 حتى اليوم كمقصد مهم للسياح الخليجيين، الذين يأنسون في جوه الهادئ ومناخه اللطيف.
بحمدون
قصدنا في البداية بلدة بحمدون التي تعتبر من أبرز "معاقل" السياح الكويتيين تاريخياً، حيث معظم المقاهي ممتلئة بشبان يتداولون في الشأن السياسي الكويتي يدخنون الشيشة، ومسنّين يرتشفون القهوة مع عائلاتهم. التقينا بعضهم وسألنا عن أسباب مجيئهم إلى لبنان بعد انقطاع منذ بدء الأحداث في سورية. من جهته، قال فواز المالكي لـ"الجريدة"، إن "الشعب الكويتي من عشاق لبنان وبحمدون تحديداً"، لافتاً إلى أن من أسباب اختياره بحمدون "الاستقبال الطيب والأجواء الحلوة والأكل النظيف". وأضاف: "لبنان بلدنا الثاني، وبحمدون بالنسبة لنا محافظة من محافظات الكويت"، وتابع: "السنة الماضية عكس السنة الحالية كانت بحمدون خالية من السياح، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية في لبنان"، متمنياً أن "يعود الأمن والأمان والاستقرار إلى لبنان".واعتبر محمد الحربان أن "عودة السياح الكويتيين إلى لبنان هذا العام مرتبط بجملة عوامل منها القرار الحكومي السياسي، وجود رئيس للجمهورية، وانتفاء الأسباب الأمنية التي منعت الكويتيين من القدوم في السنوات الماضية... باختصار عودة عامل الأمان". وقال "بحمدون ملتقى الكويتيين منذ ستينيات القرن الماضي، ومن أهم أسباب وجودنا هنا هو الطقس الرائع الذي تتمتع به هذه المنطقة"، معرباً عن أمله أن "تكتمل في السنوات المقبلة الخدمات مثل الكهرباء والماء". ووافق عبدالعزيز الغنّام على ما قاله الحربان، معلقاً: "الاستقرار الأمني مهم جداً ونأمل أن يدوم".أما مختار منطقة العديلية في الكويت عبدالله الطيار فرأى أن "بحمدون مرتع الكويتيين منذ سنوات، ونحن نرتاح هنا، ونشعر بالأمان"، مضيفاً: "بعد انقطاع 4 سنوات عن لبنان عدنا هذه السنة بسبب الهدوء الأمني، وأنوي المكوث هنا 45 يوماً".وقال خالد الدعيج، المقيم الدائم في لبنان منذ 17 عاماً، إن "سبب عودة الكويتيين إلى لبنان هذا العام هو الاستقرار الأمني"، لافتاً إلى أن "الكويتيين أتوا بكثرة". وتابع: "هناك شعور لدى الكويتي أن لبنان آمن نسبياً رغم مشاكله مقارنةً بسورية والعراق ومصر وتركيا".حركة الاصطياف
ومن جهته، أثنى وزير السياحة اللبناني أفاديس كيدانيان على حركة الاصطياف الكويتية في لبنان، معبّراً عن شكره العميق وامتنانه للكويتيين الذين اختاروا لبنان مقصداً للسياحة. وفي حديث خاص لـ"الجريدة"، رحّب كيدانيان "بكل الوافدين من دولة الكويت الحبيبة"، متمنياً "إعادة تفعيل العلاقات التاريخية بين لبنان والكويت بكل السبل والسياحة أبرزها". وتمنّى للمصطافين الكويتيين "إقامةً سعيدة ومريحة في ربوع بلدهم الثاني لبنان"، معلناً وضع نفسه ووزارة السياحة اللبنانية تحت تصرّفهم. ودعا "كل الأشقاء في الكويت إلى زيارة لبنان بأعدادٍ كبيرة على مدار السنة"، مؤكداً أنّ إقامة علاقات مميزة بين لبنان والكويت هو في صلب اهتمامات وزارة السياحة والمسؤولين في الحكومة اللبنانية". وختم قائلاً: "نشكر قيادة دولة الكويت والرعايا الكويتيين الذين يزورون لبنان للثقة التي وضعوها في بلدنا، ونتمنى أن نرى المزيد من السياح الكويتيين في السنوات المقبلة، فلبنان بيتهم وهو يفتح لهم ذراعيه بحرارة ويستقبلهم بالأحضان".«القلعة»
ثم توجهت "الجريدة" إلى بلدة "القلعة" التي تبعد نحو ربع ساعة عن بحمدون، حيث قصدنا "الخلية" في البلدة، والتقينا رئيس المجلس البلدي رائد أبوالحسن خلال "العصرونية" السنوية التي ترعاها الجمعية النسائية للبلدة. وبدا أبوالحسن متفائلاً بما حمله الموسم السياحي لهذا العام من عودة للخليجيين، قائلاً: "نحن أصغر ضيعة من ناحية المساحة في المتن، انما أكثر بلدة ناشطة ويقصدها الخليجيون بكثافة".حضور قوي
وتابع: "لا يمكن مقارنة أعداد المصطافين الخليجيين هذه السنة مع السنوات التي مضت"، مشيراً إلى أنه "في سنة 2017 شهدت القلعة حضوراً قويا للإخوة الكويتيين بنسبة 70 في المئة وأكثر من السنة الماضية (حوالي ألف شخص كويتي)". ولفت إلى أن "القلعة تحتوي على 400 وحدة سكنية للخليجيين من أصل 800 وحدة في البلدة أي النصف، والكويتيون يمتلكون حوالي 90 في المئة من وحدات الخليجيين"، معتبراً أن "الكويتيين يعتبرون القلعة مركزاً أساسياً للراحة". وعن سبب مقصد السياح لـ"القلعة" رأى أبوالحسن أن "الجبل كلّه يتميز بطبيعة خضراء، والقلعة تحديداً تتميز بموقعٍ استراتيجي بين كل الضيع فهي تشكّل نقطة وصل بين البلدات المحيطة بها". وقال: "القلعة من الضيع القليلة التي تؤمّن الحرس 24 ساعة يومياً، ويصل عدد شرطة البلدية فيها إلى 12 عنصراً". وعن كيفية قضاء الكويتيين وقتهم في البلدة، قال: "معظمهم مالكون يفضلون تقضية أوقاتهم في الديوانيات ويتنزهون بعد الظهر من حين إلى آخر، فهي أكثر ضيعة يوجد فيها شجر صنوبر". وتابع: "البعض يغيب شهراً ويأتي شهراً والبعض الآخر يقضي أشهر الصيف الثلاثة هنا. معظمهم يأتون في فترة الصيف من منتصف يوليو إلى أواخر أغسطس". ولفت أبوالحسن إلى دور البلدية في خدمة المصطافين قائلاً: نؤمن الماء اذا انقطعت ونوزع الشتول لزينة البلدة".وأشار إلى دور بلدية الكويت في تنمية البلدة مذكرا "بالتوأمة بين بلدية الكويت وبلدية القلعة التي بدأت عام 2013، وأسفرت عن مساهمة بلدية الكويت بإنشاء محطة للمياه بكلفة مليون دولار".وأكد أبوالحسن أن "الوضع الأمني المستتب هو المفتاح لعودة السياحة الخليجية، وهو ما شجع الخليجيين على العودة إلى لبنان هذا العام هو انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإقرار قانون جديد للانتخاب".