«التطبيقي» في بحر القبول
البعض يربط بين قبول أعداد أكثر في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب بالميزانية، وقد يراه الحل لكنه بالتأكيد ليس سوى حل جزئي للمشكلة، فمهما دعمت ميزانية الهيئة فهناك حد للطاقة الاستيعابية لا يمكن تجاوزه وفق المعايير العلمية المتعارف عليها أكاديمياً.
لقد جاءت خطة التنمية (2009- 2010) بدولة الكويت حتى عام 2035 على "تحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار، ويقوم فيه القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي، ويذكي فيه روح المنافسة، ويرفع كفاءة الإنتاج في ظل جهاز دولة مؤسسي داعم يرسخ القيم ويحافظ على الهوية الاجتماعية ويحقق التنمية البشرية والتنمية المتوازنة، ويوفر بنية أساسية ملائمة وتشريعات متطورة وبيئة أعمال مشجعة". تسمية أزمة القبول في "التطبيقي" بحد ذاته هروب إلى الأمام من قضية ستتكرر مع بداية كل عام دراسي، والحكومة مازالت بعيدة عن إيجاد حلول جذرية لمعالجتها رغم علمها أن هيئة التطبيقي ليست الطرف الوحيد فيها إلا إذا كانت المسألة البحث عن كبش فداء لامتصاص الغضب الشعبي، رغم علمها بالطاقة الاستيعابية لكليات ومعاهد الهيئة المعنية. الحقيقة أن الحكومة لم تلتزم بخططها التنموية نحو برامج وأهداف التعليم وفق ما جاء برؤيتها حتى عام 2035 والتي نصت على فتح أكثر من جامعة حكومية تلبي مخرجات التعليم العالي، وتحاكي برامج ومشاريع التنمية المستقبلية للكويت. بالرجوع إلى الهرم السكاني لدولة الكويت نجده من ضمن المجتمعات الفتية، والذي يمثل الشباب الجزء الأكبر فيه، الأمر الذي تؤكده مؤشرات النمو الإحصائي لأعداد الخريجين من التعليم الثانوي، والذي يأخذ بالتصاعد سنة بعد سنة قابلة أن توقف قدرة مؤسسات التعليم العالي على مواجهة تلك الزيادة رغم المحاولات والحلول والتدابير الآنية التي قامت بها الحكومة في السنوات الماضية. إيجاد حلول جذرية لأساس المشكلة، والمعني بها وزارة التربية والتعليم العام، ومؤسسات التعليم العالي والجامعي، فمن غير المقبول الضغط على هيئة التعليم التطبيقي لوحدها بتحميلها أزمة القبول على اعتبارها الملاذ الآمن للراغبين في استكمال دراستهم دون النظر في أبعاد المشكلة بمنهجية وضمن أهداف خطة التنمية.
هناك ضغوط أعتقد أن جلها غير مهني تمارس على هيئة التطبيقي، فمن جانب عليها قبول جميع خريجي طلبة الثانوية العامة، ومن جانب يطلب منها في الوقت نفسه إغلاق بعض الأقسام العلمية لاكتفاء مؤسسات الدولة من مخرجاتها، وفي جانب آخر لا تتمكن الكليات من فتح أقسام أخرى تتماشى مع رؤية الدولة المستقبلية. من المستغرب أيضاً لوم التطبيقي لوحدها كونها آخر من يعلن نتائج القبول بين مؤسسات التعليم العالي، بحيث لا نسمع أي تذمر أو لوم يوجه إلى جامعة الكويت أو الجامعات الخاصة أو التعليم العالي بالنظر إلى أرقام الطلبة المتقدمين لها مع أعداد المقبولين والمرفوضين، رغم أنها جميعها شركاء في خطة القبول.البعض يربط بين قبول أعداد أكثر في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب بالميزانية، وقد يراه الحل لكنه بالتأكيد ليس سوى حل جزئي للمشكلة، فمهما دعمت ميزانية الهيئة فهناك حد للطاقة الاستيعابية لا يمكن تجاوزه وفق المعايير العلمية المتعارف عليها أكاديمياً، ناهيك عن السعة المكانية للمختبرات والفصول الدراسية بكليات الهيئة مع الأخذ بعين الاعتبار أن عدد الساعات التشغيلية لها قد تجاوزت الحد الأعلى لها في بعض الكليات.حقيقة أخيرة قبل أن أنتهي من كتابة المقال الهيئة هذا الفصل قبلت أكثر من عشرة آلاف طالب وطالبة وستقبل ستة آلاف في الفصل الدراسي القادم، بعد هذا هل نستمر بلومها وتحميلها مسؤولية القبول؟ودمتم سالمين.