أعلن اتحاد إذاعات الدول العربية، منح وسامه الخاص للفنان الكويتي عبدالحسين عبدالرضا، تقديرا منه للدور الرائد والمبدع للفنان الراحل.

وقال رئيس الاتحاد، محمد العواش، في تصريح صحافي، إن الفقيد كانت له بصماته الراسخة على الحركة الفنية في الوطن العربي، إضافة إلى إسهاماته الجليلة، التي ستظل مدرسة لكل العاملين بالمجال الفني.

Ad

وأضاف أن منح الوسام سيكون خلال المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون الذي يقام في تونس بأبريل المقبل، مشيرا إلى أن المهرجان يحضره سنويا أكثر من 600 إعلامي، إضافة إلى مسؤولين وفنانين وكُتاب.

وبعث الاتحاد بكتاب إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله، أبلغه فيه منح فقيد الفن العربي وسامه.

من جهته، نعى الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، م. علي اليوحة، فقيد الحركة الفنية والمسرحية في الكويت ومنطقة الخليج العربي الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا (1939- 2017)، الذي وافته المنية في العاصمة البريطانية بعد تلقيه العلاج في أحد مستشفياتها.

وقال اليوحة إن الفقيد يعد خسارة لا تعوض للوسط الفني الكويتي والخليجي والعربي، فبدايات أعماله الفنية التي كانت أثناء وظيفته الأولى في مطبعة الحكومة عام 1953 تدل على شغفه الكبير بالفن الذي سيطر على اهتمامه، حتى تبلور أول عمل فني له بعد ابتعاثه لدراسة فنون الطباعة عام 1959، ولاحقا كانت مسرحية صقر قريش عام 1961.

وأضاف اليوحة، في تصريح، أن خط عبدالرضا وأدائه الفني يعدان أسلوبا مركبا وشاملا يجمع بين مقتضيات الفن وأصوله الأساسية من ناحية، وبين الأثر العميق الذي أراد تركه لدى المتلقي من ناحية أخرى، واستطاع بذكائه الفطري تطويع المسرح والتلفزيون والإذاعة، وجذب جماهير غفيرة أحبت الفن من خلال طلته في العديد من الأعمال الخالدة التي لا يختلف اثنان على أنها سجل لمحطات مهمة من تاريخ دولة الكويت، فقد ترك الفقيد أرشيفا غنيا من الأعمال التي يمكن لأي مطلع أن يشاهد من خلالها تفاصيل الحياة الكويتية، ويتتبع أحداثا وتغييرات مفصلية طرأت على الدولة والمجتمع طوال 57 عاما هي عمره الفني.

وقال إن بداية ظهور الدولة المدنية واستقلالها عام 1961، قد تزامن مع وجود حراك فني كويتي مميز ساهم في إبرازها في المحيط الخليجي والعربي، وكان الفقيد أحد أعمدة هذا الحراك الذي ما لبث بعد سنوات قليلة أن أسهم بقوة في تثبيت المكانة الفنية للكويت وترسيخ صورتها الاجتماعية وانفتاحها السياسي في المحيط العربي.

وأضاف اليوحة: ويعد التاريخ الفني للكويت الذي أسهم في بنائه الفنان العملاق ورفاق دربه مفخرة لجميع الكويتيين، لأنه لامس مشاعرهم وأحاسيسهم وذائقتهم الفنية، فأصبح المسرح الهادف والكوميدي دالا على اسم الفقيد "بوعدنان"، والذي يثبت ويؤكد الحالة الديمقراطية التي يعيشها الكويتيون منذ قديم الزمن من خلال سقف الحرية العالي الذي تميزت به أعماله، فكان أن تم تطويع هذه الأجواء المنفتحة في تقديم أعمال فنية خالدة أسهمت في بيان جادة الصواب لكثير من المشاكل التي مرت بها الكويت كالأزمات الاقتصادية والسياسية.

وختم قائلا إن المجلس الوطني كان قد تشرف العام الماضي بتكريم الفقيد في حفل افتتاح مهرجان القرين وبدء فعاليات اختيار مدينة الكويت عاصمة للثقافة الاسلامية لعام 2016، وذلك في حفل مهيب على خشبة مسرح السالمية التي أطلقت الدولة اسمه عليه، ليكون مسرح عبدالحسين عبدالرضا.

بدوره، قال المطرب الكبير عبدالكريم عبدالقادر: أتقدم بأخلص التعازي إلى أسرة الفقيد "بوعدنان"، القامة الكبيرة عبدالحسين عبدالرضا، التي ننحني أمامها، وأقول: اللهم يصبر قلوبكم وقلوب أهل الكويت على رحيل هذا الفقيد العظيم، الذي ترك أثراً بالغاً في نفوس الجميع، والناس قاطبة يتقدمون بالدعاء له، الله يرحمك ويغفر لك ويوسع منازلك في جنات النعيم يا بوعدنان، ولا نقول إلا "إنا لله وإنا إليه راجعون".

علامة مميزة

من جهته، نعى الناقد الفني طارق الشناوي الفقيد وصفه بأنه علامة مميزة على مستوى الفن الخليجي وذو تاريخ حافل، وسنفتقد وجوده بشدة، بعد أن وافته المنية عن عمر ناهز 78 عاما في أحد مستشفيات لندن الجمعة الماضية، ولقب بعادل إمام الخليج العربي.

وقال الشناوي إن الراحل تميز بأنه جمع مواهب متعددة، شملت التمثيل والغناء والتلحين، فضلا عن أنه درس في مصر خلال فترة خمسينيات القرن الماضي الطباعة.

ولفت إلى أنه التقى الراحل مرات عدة بالمهرجانات الخليجية في دبي وأبوظبي، ولمس فيه إنسانا اجتماعيا دافئ المشاعر ويحب المصريين جدا.

بصمة لا تمحى

بدوره، ذكر الأمين العام السابق لرابطة الأدباء الكويتيين حمد الحمد: "الكبير الذي غادرنا بصمت، الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا، نعرفه ولا نعرفه، نعرفه عبر علاقة نشأت بيننا لعقود عبر شاشة التلفاز، وكان جزءا منا، وكأنه فصل كامل من تاريخ الكويت الثقافي والفني، لكن قد لا نعرفه شخصيا فكثير منا لم يجلس معه".

وعن اللقاء الأول الذي جمعه بالراحل، قال الحمد: "أنا شخصيا أول مرة شاهدته كان في أواخر الستينيات كنا طلبة وأعضاء في الأندية الصيفية، وحضرنا عرضا مسرحيا لناد صيفي، وشاهدت ثلاثة رجال يجلسون أمام طاولة، وقيل لنا إن أحدهم هو الفنان عبدالحسين عبدالرضا، وعرفنا أنها لجنة تختار ممثلين من أعضاء الأندية للمشاركة في المسارح".

واستذكر حديث إحدى قريباته عن الراحل: "في الثمانينيات كنت أزور سنويا قريبة لي كبيرة في السن في الرياض، وما إن أجلس معها إلا وحديثها لا يكون إلا عن مسلسل درب الزلق وحسينوه وسعد وأمهم، ولا تعرف من التلفزيون الا هذا المسلسل، فهو الذي يضحكها".

واردف: "مرة حضرت مسرحية فرسان المناخ، وكان معي ضيوف أتوا من بلدهم لمشاهدة هذه المسرحية، وضحكنا في تلك الليلة كأننا لم نضحك من قبل".

وزاد: "بعد التحرير كنت في مبنى التلفزيون، وأذكر انني شاهدت ملف سيناريو (قاصد خير)، وفي المقدمة جملة (كتب السيناريو عبدالحسين عبدالرضا)، وهنا قلت: هل سيقدم هذا الفنان عملا أفضل من درب الزلق، وفعلا عندما عرض المسلسل كان من أفضل المسلسلات التي شاهدتها، وتبعه مسلسل سوق المقاصيص. لكن قليلة هي المقابلات التي تابعتها للفنان، واكتشفت انه خارج التمثيل له ردود حكيمة ما زالت ترج في ذاكرتي".

وعن أبرز المقابلات التلفزيونية للفنان الراحل، قال الحمد: "اذكر أنه بعد التحرير أجرى تلفزيون إم بي سي مقابلة مع عبدالرضا، وطرح المحاور حينها سؤالين: هل هناك مسرح بدون امرأة؟ فكانت إجابته: ممكن تنجح مسرحية أو مسرحيتان بدون امرأة لكن لن تنجح الثالثة لأن الحياة الطبيعية هي مشاركة الرجل والمرأة، أما السؤال الآخر فكان استفسار في غير مكانه من قبل مقدم البرنامج، حول سبب زواج الراحل بامرأة ثانية، لكنه أجاب بذكاء: لا يسأل رجل لماذا تزوج ثانية".

ولفت إلى جانب مهم في حياة الراحل، "حيث لا أذكر انه دخل في جدال مع أحد عبر الصحف أو وسائل الإعلام الاخرى، كما لم نسمع أنه أساء إلى زميل له رغم أنه تعرض لهجوم عنيف عقب عرض مسلسل درب الزلق، رحمه الله فقد ترك بصمة لا تمحى".