«العنف - مختارات فلسفية» بحث في الأسباب والمبررات

يتناول كتاب «العنف... مختارات فلسفية» قضية العنف من مستويات مختلفة عدة: اجتماعياً، وسياسياً، واقتصادياً، وأنثروبولوجياً، وأخلاقياً، ويشير المؤلف إلى أن البحث في العنف لم يعد أمراً مدهشاً بل أصبح أحد الأنشطة التي تتنامى بصورة متسارعة في العلوم الاجتماعية، والأعمال المنشورة عن أشكال العنف السائدة دليل على هذا الأمر.

يوضح فيتوريو بوفتشي أن كل فرع من المعرفة يحتكر مجالات معينة من العنف طبقاً لقاعدة الاقتسام بين العلوم، وهي قاعدة غير مكتوبة ولكنها منتشرة إلى حد كبير: إذ تسيطر دراسات الحروب وما يرتبط بها من صراع على مجال العلاقات الدولية، فالجريمة مجال دراسة علم الجريمة، والعقوبات مجال دراسة القانون وفلسفة التشريع، والعنف العائلي مجال دراسة علم الاجتماع، والإرهاب، والأشكال الأخرى من العنف السياسي مجال دراسة علم السياسة، وفي ظل جهودنا التوافقية لفهم معظم أشكال الفعل الإنساني على نحو كلي، فإن بوسع الفلسفة أن تؤدي دورها تجاه هذا الأمر، وفي الواقع، يُعد إسهام الفلسفة في هذه المناقشة، متفرداً، وأساسياً، ويمثّل نقلة بحثية ممكنة.

لا تبرير للعنف

تضمّ المختارات مقالات فلسفية كتبها فلاسفة محترفون، ولعل السؤالين الأساسين اللذين تمّ إمعان النظر فيهما من خلال المقالات الواردة في الكتاب هما: ما العنف؟ وهل يمكن أن يكون العنف مبرراً؟ فإن هذين السؤالين أساسيان أيضاً لكل بحث تجريبي في العلوم الاجتماعية عن معدلات العنف، ومع ذلك فإن إسهام الفلسفة يكون غالباً مساوياً للعلوم الاجتماعية.

بحسب المؤلف، من غير الممكن عملياً الاتفاق حول إيجاد تبرير حقيقي لممارسة العنف، ولذا فإن الهدف من هذه المختارات ليس تقديم إجابات قاطعة عن تلك الأسئلة، بل تذكير القارئ بتعقيداتها على نحو بسيط، يوضح الإسهام القيم للفلاسفة في قضايا مهمة عبر أجيال متعددة.