كيف جاءت مشاركتك في ملتقى «بصمات الفنانين»؟
هذا الملتقى نافذة لتيارات فنية متعددة، ويتيح للفنانين من أجيال مختلفة، تبادل الخبرات والثقافات، والتعرف إلى مخزون التجارب المستقاة من بيئات شديدة الثراء والتنوع. شهد هذا العام دورته الثالثة عشرة بعنوان «فن البورتريه والمنظر الطبيعي»، وشاركت مع أكثر من مئة فنان عربي بلوحة «سمراء الجنوب» من لوحات معرضي المقبل «عباءة النيل»، وهي مستوحاة من خصائص البيئة النوبية. كذلك كُرِّم عدد كبير من المشاركين في الملتقى، وعلى مدى دوراته السابقة، وهو بمنزلة تقدير لمساهمتهم في نجاح هذه التظاهرة الفنية، وكُرمت العام الماضي خلال افتتاح متحف أسوان، وهو مركز إبداعي وثقافي جرى التأسيس له قبل سنوات، وينهض بدور كبير في التعريف بخصائص التراث النوبي، ويوثق لتاريخ مهم من المنجز الإبداعي للأسلاف. ما الإضافة التي تشكلها المشاركة في معارض جماعية؟ تجسد المعارض الجماعية نوعاً من التفاعل الفني والثقافي بين الفنانين، وتضيف إلى كل فنان خبرات معرفية. بالنسبة إليّ، بعد رحلة إبداعية بدأتها في عام 1979، ثمة ضرورة للانفتاح على التيارات والمدارس الفنية كافة، رغم انتمائي إلى المدرسة التأثيرية، فالتجريب هو جوهر الإبداع، فضلاً عما تحدثه هذه الفعاليات من تقارب بين الفنانين العرب من الأقطار كافة، وإحداث نوع من الحراك في مجال الفن التشكيلي، سواء الرسم أو التصوير أو النحت. كيف تنظر إلى المشهد التشكيلي العربي الراهن؟ لا شك في أن ثمة زخماً إبداعياً في مجال الفنون التشكيلية، وهذه المعارض والفعاليات تضيء العواصم العربية بشكل منتظم، ولا يمرّ شهر من دون استضافة معرض لفنانين عرب في القاهرة، والكويت، والسعودية، والمغرب، وسائر الأقطار الشقيقة، ولا أستطيع حصر الأسماء المتفردة في مجال النحت والرسم والكاريكاتور، سواء من الرواد أو الشباب.
بلاد الذهب
قلت إن معرضك المقبل سيكون بعنوان «عباءة النيل»، فما دلالة حضور النهر في لوحاتك؟ هذا المعرض هو التالي بعد «طمي النيل» الذي أقمته في مطلع العام الماضي في قاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا بالقاهرة، وانطلقت فكرته من فضاء النهر، والنقاء الذي يتصف به قاطنو الجنوب المصري، و{النيل» الذي نشأت على ضفافه، حيث تشكلت خبراتي، لذلك طغى اللون الأبيض على فضاء اللوحات، بينما «عباءة النيل» الذي شارفت على تجهيزه، يتناول مرحلة دقيقة من تاريخ أهل النوبة، وهي «التهجير» في فترة الستينيات، والحنين الدائم إلى «بلاد الذهب» أي المكان الذي عاش فيه الأسلاف، واستقرت تفاصيله في ذاكرتهم. هل يفسر ذلك أن لوحة «سمراء الجنوب» قاربت فن «البورتريه»؟ طبعاً. تنطلق لوحات «طمي النيل» من التأثيرية، ومنح المتلقي طاقة بصرية من خلال مشهد مقتطع من علاقة الإنسان بالمكان، بينما «سمراء الجنوب» كلوحة من معرضي المقبل، رصدت من خلالها اعتمالات المشاعر الكامنة، واقتربت أكثر من ملامح الوجوه التي تنتمي إلى فضاء الجنوب المصري، بخصائصه البيئية والتراثية، لإظهار جوهر الشخصية النوبية، وثرائها الإنساني. ماذا عن معرضك السابق «طمي النيل»؟في معرض «طمي النيل» بحث عن النوبة المفقودة. أطلقت عليه هذا الاسم نسبة إلى الروح المصرية وطين مصر، وفيه تصوير الذات المصرية بتفاصيلها كافة وبمعانيها والحياة اليومية، وأعتبر أن البشر هم أسس المعرض المتمثّلة في الوجوه السمر، أحفاد توت عنخ أمون ورمسيس.وهنا أجد كلمات الناقد والفنان التشكيلي د. أشرف رضا معبرة: «يحمل معرض طمي النيل تطوراً في فكره التصويري بحساسية أعلى في اللون وفي الرسم، واستطاع عبد الجواد نقل البيوت الطينية والنوبية الأصلية بمفرداتها ومورثاتها الشعبية من جنوب الوادي، كذلك أهل النوبة وأسوان، حيث هي نشأته الأصلية، والمعرض يعبر بلوحاته عن التكوينات داخل اللوحة والإيقاع البصري في علاقات الأشخاص والبيوت الطينية، كذلك حياة ريف أسوان وجنوب الوادي التي عبر بها في هذا المعرض». في رأيك، ما سر هذا الثراء في فنون التراث النوبي؟ ثمة عناصر منظومة فريدة للحياة في جنوب مصر، تتوارثها الأجيال، وتلهم المبدعين في مجالات الفنون كافة. الملابس والأكسسوارات والطبق النوبي المغزول من سعف النخيل والعقود والحلي، من أهم الفنون التراثية، ولها خصوصية من نواحي الشكل والألوان والصناعة. كذلك العمارة النوبية ذات طرز مغايرة، ومستوحاة من الحضارة الفرعونية، وتنهض على تاريخ ممتد منذ آلاف السنين.قراءة بصرية
شارك الفنان أحمد عبد الجواد أخيراً في ورشة «قراءة بصرية في قصائد عفيفي مطر»، نظمها غاليري «ضي» في القاهرة للاحتفاء بذكرى الشاعر المصري الكبير محمد عفيفي مطر (1935 - 2010)، وذلك عن فكرة للفنان التشكيلي د. صلاح المليجي المشارك بالفعالية بلوحات جسدت أجواء التجربة الشعرية للشاعر الراحل. لفت عبد الجواد إلى مشاركته بثماني لوحات مستوحاة من قصيدة «سلطانة الأطلال» للشاعر محمد عفيفي مطر، جسد خلالها الفضاءات المتفردة للشاعر الراحل، والمضامين التراثية في قصائده، وارتباطه بعالم القرية، والحياة على ضفاف النيل، بما شكلته من تجارب إبداعية شديدة الثراء في المشهد الشعري العربي. يذكر أن الورشة ضمّت أجيالاً مختلفة من الفنانين، سواء في الرسم أو النحت أو التصوير، من بينهم المثّال د. طارق الكومي، مدير مركز محمود مختار الثقافي، والفنانون عبد الوهاب عبد المحسن، وأيمن السمري، وفاطمة عبد الرحمن، ولمياء الشبراوي، وعبير السيد، ود. ياسر منجي، فضلاً عن تخصيص ندوة لقراءة أشعار مطر، يشارك فيها الشعراء فتحي عبد الله، ومحمد حربي، ومحمد عيد إبراهيم.