مثقفون: نرفض تكميم الأفواه والوصاية على كتاباتنا
إثر إطلاق هاشتاغ «الشعب يطالب بحريات التعبير في الكويت»
انتقد عدد من المثقفين الكويتيين ما يجري في أروقة الجهات الرقابية بوزارة الإعلام، معتبرين أن سيف الرقيب يقطع ألسنة الإبداع الفكري، ويشذب النتاج الأدبي بمزاجية، مطالبين بضرورة الإسراع في اتخاذ إجراءات تسهم في المحافظة على المكتسبات التي يقرها الدستور الكويتي.
استغرب العديد من الأدباء والكتّاب في الكويت سريان مفعول الرقابة المسبقة إلى الآن في عصر الإنترنت، رافضين وأد حقوقهم في التعبير والكتابة في جميع المجالات الأدبية والفنية والفكرية، ومتحسرين على فترة التنوير التي كانت الكويت تعيشها سابقاً.وإثر إطلاق هاشتاغ «الشعب يطالب بحريات التعبير في الكويت»، وثب الكتّاب والأدباء إلى المشاركة في هذا الموضوع الشائك، لاسيما بعد شعور بعض الكتاب بالإحباط بسبب أداء لجنة التظلمات في وزارة الإعلام التي أنشئت في مايو الماضي، ولديها عدد من الأعمال الأدبية المنظورة، التي كان كتّابها يأملون أن تتم إعادة النظر فيها ومنحها قرار الإجازة بالتداول في الكويت، ومن هذه الأعمال رواية «فئران أمي حصة» لسعود السنعوسي، و»خرائط التيه» لبثينة العيسى.بداية، علّق الروائي سعود السنعوسي على التضييق الممارس ضد حرية التعبير، قائلا: «هامش الحرية، وزمن الوعي، تمخضا عن مسرح ودراما وإذاعة ودوريات أدبية وفكرية وثقافية تمثل الكويت الحقيقية».
ويتحسر السنعوسي على زمن الوعي الذي لم يعد موجودا، مستغربا مما يجري، فالأمور تسير وفق سياقها الطبيعي نحو التطور في عصر الإنترنت، بينما في الواقع يتقلص هامش الحريات ويتضاعف التضييق على المبدعين في المشهد الثقافي المحلي.
مصادرة الفكر والذائقة
وفي السياق ذاته، تقول الروائية بثينة العيسى إن «سريان مفعول الدور الرقابي المتعسف التي تمارسه الجهات الرسمية هو مصادرة لحقك، وليس حفظا لأمنك، فالرقابة تدخّل في أفكارك وذائقتك ومشاعرك حتى».وفيما يتعلق بالوصاية الفكرية على النتاج الأدبي قالت: «منع الكتب هو تعدّ واضح على حقك في المعرفة، حقك في اختيار ما تقرأ، حقك في التفكير بشكل مختلف».وحول الرقابة المسبقة التي تنتهجها وزارة الإعلام، قالت: «الرقابة المسبقة على الفن والأدب تعاملك معاملة القاصر، حتى إن كنت ناضحاً وإن كان عمرك مليون سنة!».وتابعت:» الفن الحقيقي الذي يقول ما لا يقال، وهذا يعد أهم ملامح كويت الماضي وأبرزها، آه يا للزمن من خطف هذي البلاد»!ضغوط سياسية
من جهته، استغرب الكاتب المسرحي عبدالعزيز السريع ظهور جهات رقابية رديفة للرقابة الرسمية، مشيراً إلى أن الجهة الرقابية في السابق لم تكن بهذا الشكل، بل كانت أكثر رحابة وتقبلا، وتجيز أعمالا فنية من الصعب السماح لها في وقتنا الراهن، ويتساءل ضمن هذا السياق: «هل تصدق أن بعض المسرحيات المجازة رقابياً وعرضت خلال فترة الازدهار الفني والثقافي في الكويت، ممنوعة من العرض استجابة لضغوط سياسية وإعلامية يقف خلفها بعض نواب مجلس الأمة وعدد من الوسائل الإعلامية»؟بيانات ساخطة
وفي تعليقها على منع الكتاب والتعسف الرقابي، تقول الروائية ميس العثمان: «مُنعت روايتي الأخيرة «ثؤلول»، وأعمال لزملاء وأصدقاء في الكتابة أيضا، هذا المنع تصاعد منذ سنوات، كتبنا كثيرا ضد الخنق والمنع، تظاهرنا لسنوات طويلة وتجمعنا في الساحات نقرأ بيانات ساخطة كتبناها ونشرتها الصحف».وتتحدث العثمان عن طرق التعامل مع المثقفين والمفكرين، مردفة: «شُتمنا ممن ينصّبون ذواتهم حماة للآداب العامة/ العائمة، وقد أطلقوا علينا أوصافا شنيعة.. رفعنا قضايا وتظلمات رسمية تشاركنا بها مع من يشاركونا الوجع. لكن، وعلى ما يظهر أن هذي بلاد - يا للأسى - فتحت آذانها للأفكار المستوردة. وتدثّرت بالأسود/ الأسوأ!وتستطرد العثمان في الحديث عن معاناة المبدعين مع الجهات الرقابية: «منذ سنوات؛ خبا كل الفرح.. كل الإنساني كان قد حُرّم. ولم يبق لنا إلا القلم كنصل حاد لا يُكسر، وحرياتنا التي لاتزال على كف رقيب! والرقيب/ الرقيع، ليس شرطا أن يكون موظفا يحمل قلما داكنا يضع حروف «إكس» بالإنكليزية على نحتنا اللغوي/ السردي والفكري، بل قد يكون أي منكم ممن قد لا تعجبه كتاباتي.. أفكاري، فيحاصر روحي بلا تردد... تصوروا؟».مستقبل الكويت
بدورها، قالت الكاتبة والناقدة ليلى أحمد، التي أطلقت هاشتاغ #الشعب يطالب_ بحريات_ التعبير_ في_ الكويت، إن ما دفعنا إلى إنشاء هذا الوسم هو القلق الذي يعتصر قلوبنا والحسرة على ضياع مكتسباتنا، والخشية التي تنهش جوارحنا على حاضر الكويت ومستقبلها، وكلما استرجعنا الذكريات سكنت في الضلوع غصة وحشرجة على تاريخ وطننا الجميل المتصالح مع نفسه، فلم تكن الطائفية البغيضة تتربص بنا، ولا التعصب القبلي يقض مضجعنا، بل كنا نعمل ونجتهد وننجز لبلوغ أهدافنا فلا حسد ولا ضغينة.دعوا الأفكار تتنفس
أما الشاعر سعد بن ثقل فقد استغرب التضييق على الحريات، داعيا إلى تلاقح الأفكار، مبينا أن الحجة تُقابل بالحجة، والفكرة مقابلها فكرة أعظم، فقط اتركوا المجال للأفكار كي تتنفس، لا تكمموا الأفواه، فحرية التعبير التي لا تتعدى على الإنسان ولا على الأديان، تصلح الأفكار ولا تفسدها.ويرفض بن ثقل الوصاية الفكرية، مطالبا بإفساح المجال للأفكار أن تسري للقلوب المتعطشة لرواء الحقيقة، مشيرا إلى أن حرية التعبير مكفولة في الإسلام وفي الدستور كذلك، ولا يلجأ إلى تكميم الأفواه إلا من يخاف من الرأي!».ويتساءل: كيف نعرف قيمة الفجر بلا ظلام الليل؟ ويلفت إلى أن مبدأ الدين هو الاقتناع، فلا «لا إكراه في الدين»، و»لا اقتناع من دون رأي، ولا رأي بلا حرية، والفن يبحث في الجمال، والإيمان يبحث عن الكمال، وهو شأن شخصي بحت، لذلك لست مطالباً بأن تقتفي أثر النصوص الأدبية لتبحث عما يُدين».تعليقات وحسرات
كما وردت تعليقات أخرى، منها «عودة كويت الفكر والتنوير والفن والمسرح بتغير الأسماء لا الأمكنة»، و»زمن ناجي العلي وزكي طليمات ومجلة العربي لن يعود»، «نرفض الرقابة المسبقة على الإبداع».
سعود السنعوسي: هامش الحرية وزمن الوعي يعبّران عن الكويت الحقيقية
ميس العثمان: المنع يتصاعد منذ سنوات والخنق يتضاعف
بثينة العيسى: الرقابة المسبقة على الفن والأدب تعاملك معاملة القاصر
سعد بن ثقل: لا تقتفِ أثر النصوص الأدبية لتبحث عما يُدين
ميس العثمان: المنع يتصاعد منذ سنوات والخنق يتضاعف
بثينة العيسى: الرقابة المسبقة على الفن والأدب تعاملك معاملة القاصر
سعد بن ثقل: لا تقتفِ أثر النصوص الأدبية لتبحث عما يُدين