متاهة الإسكافي
![فوزية شويش السالم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928838345230500/1555928850000/1280x960.jpg)
الكتاب صادر عن دار الآداب بتغليف وإخراج فاخر وبشكل جديد، مقسوم إلى جزأين؛ النصف الأول تحت مسمى "متاهة الإسكافي" لسيرة الشاعر القريبة منه، والجزء الآخر عنوانه "سيرة الهجر" خصصه لوالد وأهل جدته لأمه المنحدرة من عائلة لبنانية عريقة لها دور تاريخي كبير في لبنان.متاهة الإسكافي نثر سردي شعري شديد الرهافة مكثف في صوره الفنية، ليست ذات بنية تراتبية تقليدية، لكنها شُتت وبُعثرت في فصول؛ الأول النسب الضائع، والثاني فصل الساحرة، والثالث فصل الأب ومسز فاطمة، الفصل الرابع المعلم الأول، الفصل الخامس سين سينما شين شعر واو ولد باء بنت، الفصل السادس الحب الضائع، شكلت جوهر السيرة، معظمها مشاهد يتناول فيها حميمة علاقة الشاعر بوالده وأمه وأخته وجدته تتدفق برقة الحب والحنان، وهذا مقتطف من علاقته بوالده: "كان إذا مرضت جلس إلى جوار سريري، فإذا استيقظت في وسط الليل أو آخره، وجدته في مكانه، باسطا ذراعيه، مرة رأيته يبكي، لأن حرارتي ارتفعت وعاندت ولم تتراجع، كان أحيانا يغني لينميني، وأحيانا يجعل من فمه شجرة حكايات يصعدها، فأراه ولا أرى آخر الشجرة، ويحثني على الصعود خلفه، يحكي فأصعد، يحكي ثانية فأصعد، ومع كل صعود أقابل أشخاصا يحبهم، كان يحرضني أن أبحث عن الله".جرأة عبدالمنعم رمضان تحررت من الخوف من رجم الكلام القريب والبعيد، المتشابكة خيوطه مع خيوط الآخرين، كل كاتب سيرة يجد نفسه مقيدا بتشابك تفاصيل حياته مع تفاصيل حياة الروابط العائلية والتابو الاجتماعي والأخلاقي الذي لا يسمح بطرح التفاصيل الجريئة والحميمة على الملأ، لكن عبدالمنعم رمضان خرج عن المألوف وتطهر من علائق ماضيه.ولأول مرة أنتبه إلى أن حالة التطرف والعنصرية الدينية في مصر كانت من زمان، وليست حديثة وطارئة، لم تكن موجودة في الكويت بذاك الوقت، وليس الآن، وهو ما كان خلال فترة طفولته، وهذا مقتطف يدل على ذلك: "وبعد أن فرغنا، اكتشفت أننا في منطقة كنائس، أن إله المنطقة ليس إلهنا، إنه إله الآخرين، وأن الطعام ليس طعامنا، إنه طعامهم، وتقيأت ما أكلت".وهذا مقتطف آخر: "من نافذة جدتي ألقيت بالكتاب المقدس، وغسلت يديّ أكثر من مرة، كانت الرائحة تطاردني".