«أخلاق العبيد»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
أراد «رضوان» أن يصنع عالمه الخاص، الذي لا يقرب فيه أحد «التفاحة» و{الشجرة»، ولم يعترف بالاختلاف أو قبول «الآخر»، ظناً منه أن تخليص رعاياه من مشاكلهم كفيل بأن يشتري حبهم، ويجعل منهم «عبيداً» مخلصين، ومن ثم يكتمل «التغيير». لكن خاب مسعاه، بعدما خانه الجميع، وتآمر عليه أهل بيته قبل الآخرين، وهي النقطة الضعيفة في سيناريو الفيلم، فالكراهية التي تكنها له شقيقته «فاطمة» (سلوى عثمان) غير مبررة، وانقلاب محاميه «حمزة» (مراد مكرم) وابنة شقيقته «مونيا» (كارولين خليل) وفتاة الهوى التي أجرى لها جراحة التجميل في تايلاند، بالإضافة إلى تابعه «ديلر المخدرات» وسائقه، يعكس خللاً في البناء الدرامي، وقفزاً على المقدمات التي لم يهتم بها المخرج، وهو شارك في كتابة السيناريو!«كل أتباعك خانوك يا ريتشارد»، قالها ريتشارد قلب الأسد عقب هزيمته من القائد صلاح الدين الأيوبي، ورفض «رضوان» أن يهمس بها لنفسه، بعد فشل مشروعه، وانهيار جنته، وضياع حلمه في أن يُصبح الحضن الدافئ، الذي يعوضه عما حُرم منه في حياته، ولم ينصت سوى إلى صوته وحده، رغم نصائح «داليا» و{ريهام» و{زعتر» (محمد شرف) في ما بعد، ورغم مباهاته بقوة إرادته التي جعلته يمتنع عن شرب الخمر قرابة 197 يوماً، وقدرته على الفصل بين عمله وحياته الخاصة. فالتناقضات كثيرة في «أخلاق العبيد»، والسفسطة، والكلام الغليظ، كالذي جاء على لسان «داليا»: «الإنسان اللي محتاج يتغير مش بس محتاج فرصة ده كمان محتاج قرار»! ولكن لا يخلو الفيلم من موسيقى ملائمة (خالد شكري) وتصوير أخاذ (كاميرا زار شاكر) وديكور مُقنع (عماد الخضري)، ولحظات إنسانية مؤثرة، كالعلاقة بين «رضوان» و{أمين» (أشرف فاروق) المدير المالي لمجموعة شركاته. إلا أنها لحظات لم تدم طويلاً في ظل غزارة الألغاز الدرامية، ولهاث السيناريو خلف ترجمة النظرية «النيتشية»، ما أوقع الفيلم في متاهة كبرى (مونتاج معتز الكاتب)، فضلاً عن الإفراط في تقديم مشاهد تعاطي الهيروين، كتعويض عن غياب كأس الخمر الذي كان يلجأ إليه أبطال السينما في الماضي. أما خالد الصاوي فتراجع كثيراً عن تألقه المعهود، واكتسب أداؤه عفوية مصطنعة، وانفعالات ملفقة، ومبالغات في غير محلها، وإن نجح في إيصال الإحساس بأن تصرفاته «ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب»!في تفسير الفيلم نظرية «نيتشه» انتهى إلى القول إن «العبيد» هم أبناء الطبقة الشعبية، التي قدمها في صورة «الطبقة الزبالة التي تستحق الحرق»، نظراً إلى حقارة أبنائها، ووضاعة سلوكياتهم، مقارنة بأخلاق السادة التي وصفها صاحب النظرية بـ «أخلاق الأقوياء»، ولفرط تعاطف أصحاب الفيلم مع البطل، الذي يمثلهم، انتهى العمل بالثأر من الأطراف كافة التي تورطت في المؤامرة، بوصفهم الأشرار أو «أبناء الشيطان»!