أين الدولة المصرية في مواجهة احتكار المنتجين دور العرض السينمائية؟
تشهد صناعة السينما في مصر أزمات عدة من بينها احتكار بعض المنتجين دور العرض السينمائية. «الجريدة» تبحث عن دور الدولة في مواجهة هذه الأزمة، وتأثير الأخيرة في التوزيع العادل للأفلام وتكافؤ الفرص بينها.
يؤكد عضو مجلس إدارة غرفة صناعة السينما في مصر عمر عبد العزيز أن الدولة المصرية تحارب أزمة الاحتكار منذ زمن بعيد من خلال تبعية دور العرض التي كانت تملكها قديماً لشركات قابضة ولكنها لم تكن تجذب الجمهور، لذلك عزفت عنها.ويضيف: «لا بد من تطوير دور العرض وتقسيمها إلى صالات عدة، كي تستوعب أكثر من فيلم، ومنعاً للاحتكار وعرض أفلام بذاتها».ويطالب عبد العزيز الدولة بتطوير دور العرض ومنح حق الانتفاع للقطاع الخاص، موضحاً أن «الدولة لا تملك النقود لشراء دور جديدة، لذلك لا بد من تطوير القديمة منها لمواكبة العصر، من خلال صورة جيدة، ومؤثرات صوت حديثة، من ثم يقبل الجمهور عليها».
يخالفه الرأي المنتج محمد حفظي، ويرى أن المنتجين لا يحتكرون دور العرض السينمائية اليوم، وأن الأزمة كانت موجودة قبل عشر سنوات، ويضيف: «كانت شركتان كبيرتان تسيطران على دور العرض وتنتجان أفلاماً سينمائية في آن، وتتحكمان في السوق».لكن الوضع اختلف اليوم، بحسب حفظي، «فلا تملك أية شركة إنتاج أكبر عدد من دور العرض. حتى الشركات الإنتاجية الكبرى التي تملك صالات، ابتعد معظمها للأسف عن سوق الإنتاج مثل «العربية للإنتاج والتوزيع» التي أوقفت إنتاجها الفني، فضلاً عن «المجموعة الفنية المتحدة» التي تفككت، وانتهى تكتل الاحتكار».الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز يحذِّر من ترك الدولة دور العرض السينمائي من دون استثمار، معتبراً أن مجال السينما أهم من أن تتخلّى الدولة عنه، ومؤكداً أن دور الأخيرة ليس منافسة القطاع الخاص إنما إعطاء فرص متكافئة وتعزيز المنافسة العادلة بين المنتجين والموزعين لعرض إنتاجهم.كذلك يطالب بتفعيل قانون منع الاحتكار من خلال التحقق من الشكاوى المتصاعدة، فضلاً عن إنتاج الدولة موضوعات لا يقبل عليها منتجو القطاع الخاص، كونها غير مربحة تجارياً، من وجهة نظرهم.ويستشهد عبد العزيز بـ»المؤسسة العامة للسينما» في الستينيات من القرن الماضي التي قدّمت للسينما روائع كثيرة رغم أنها كانت تابعة للدولة، بحسب قوله. ويقترح عبد العزيز مواجهة الاحتكار عن طريق تقديم الدولة تسهيلات إنتاجية للأعمال التي تحتاج إلى فرص توزيع أو إنتاج فيما يعتبرها المنتجون غير مربحة، مستبعداً لجوء الدولة إلى إنشاء دور عرض جديدة، ومشدداً على ضروره تنظيم الصناعة ومساندة الأفلام التي تحقّق رسالة غير تجارية.
رأي النقد
تصف الناقدة ماجدة خيرالله الأمر بـ«الكارثة»، وتضيف: «نبهنا الدولة عشرات المرات لما يحدث اليوم، وما يعقبه من تأثير سلبي في أفلام جيدة لم تنل فرصتها في العرض بسبب احتكار المنتجين دور السينما»، مشيرة إلى أن الدولة تملك صالات عدة في وسط القاهرة، والمفترض أن تقبل الأفلام كافة، ولكنها أجّرتها لانتفاع القطاع الخاص».وتستطرد: «حتى في حال لم يحقق بعض الأفلام إيرادات جيدة، ثمة ما يعرف بمهلة أسبوع الانتظار. لكن دور العرض اليوم تتحكّم بالفيلم بين ليلة وضحاها، وأحياناً بعد حفلة في منتصف اليوم ترفعه»، مشيرة إلى أن منتجين وموزعين من أصحاب الصالات يخصصون القاعة لفيلم آخر يرون أنه تجاري، من دون النظر إلى المحتوى، مستشهدة بالفيلمين «فتاة المصنع» و«الأصليين» اللذين رفعا من دور سينمائية عدة بعد وقت قصير من طرحهما.وتقترح خيرالله إيقاف الدولة عقود حق الانتفاع فترة ثم استعادتها، فضلاً عن ضرورة استغلال ما يعرف بالمراكز الثقافية كدور عرض للسماح بتنوّع المنتج السينمائي، وحفاظاً على التوازن الفني للأفلام التي لم تلق حظاً تجارياً، مؤكدة أن حلول احتكار السينما كثيرة وموجودة لكن الأهم منها توافر إرادة الدولة في التغيير والحل.من جهتها، ترى الناقدة حنان شومان أن الدولة غير مهتمة بحال الثقافة والسينما في مصر، لذلك لا تبالي بأزمة هذه الصناعة وبتوزيع الأفلام العادل، مرجعة ذلك إلى سوء الإدارة، وتطالب المنتجين الفنيين بحوار مجتمعي بينهم للوصول إلى حلّ لتلك المشكلة التي تؤثر سلباً في فرص أفلام وصفتها بالجيدة، ذلك في ظل سوق سينمائي «يعاني خللاً وعشوائية في التنظيم»، كما تقول.
المنتج محمد حفظي يرى أن المنتجين لا يحتكرون دور العرض السينمائية