مسلسلات الـ 45 حلقة... صيحة درامية في مصر
• الوكالات الإعلانية وأزمة الكتابة من الأسباب
انتشرت خلال الفترة الماضية المسلسلات المصرية المؤلفة من 60 أو 90 حلقة، فضلاً عن مسلسلات الأجزاء المتعددة، ورغم ضعف مستواها وعدم تعلق الجمهور بها، فإنها استمرت على الساحة لعدم وجود بديل. أخيراً، بدأ الإعداد لمسلسلات من 45 حلقة، وحرص عدد من الصانعين في مصر على اختصار الأعمال الطويلة تنفيذاً لاقتراحات الوكالات الإعلانية والقنوات الفضائية. عن هذه القضية كانت لنا المتابعة التالية.
أكّد المخرج محمد حمدي أن الوكالات الإعلانية في مصر هي صاحبة اقتراح إنتاج مسلسلات الـ 45 حلقة، والابتعاد عن الأعمال الطويلة التي لم تعد جاذبة للجمهور، وينصرف عنها بعد الحلقات الأولى أو يتركها ليعود إليها لأنه يعلم أن الأحداث لن تتضمّن أي جديد. بناء عليه، ابتعد بعض الشركات المُعلنة عنها، ما دفع بالصانعين إلى البحث عن شكل جديد يرضي الجمهور ويستقطب الإعلانات في آن.أضاف مخرج «شطرنح» و«السر» أن العمل جارٍ على اختصار حلقات الأخير من 60 إلى 45، مشيراً إلى أنهم متوقفون الآن بسبب أزمة قناة «الحياة»، وأنهم أنجزوا فقط 40% من المشاهد، لذا من السهل اختصار الأحداث. كذلك أوضح أن المسلسلات الطويلة لم تحقّق النجاح الكافي والضامن لبقائها، والتحوّل هذا يعني اختفاءها، وربما نعود قريباً إلى مسلسلات الـ 30 أو أقل.
بدوره، رأى المؤلف والسيناريست أيمن عبد الرحمن أن الدراما التلفزيونية قائمة في الأساس على التقليد، فعندما «ظهرت المسلسلات الطويلة في الخارج قدمناها في مصر، وعندما تتلاشى هناك ستختفي هنا، وسنبحث عن نوع آخر من الدراما». وأضاف: «هدف كثيرين الإعلان ونسبة المشاهدة، لأن العمل الدرامي في بلادنا مشروع تجاري بحت ولا حديث عن فن ولا إبداع».كذلك قال إن الصانعين ينتجون أجزاء من الأعمال الناجحة، من ثم تُعتبر مسلسلات طويلة إنما بشكل مختلف، فالمهم بالنسبة إلى أصحابها أن تكون جاذبة للإعلانات بغض النظر إن كان الموضوع يحتمل الحلقات الكثيرة.عبد الرحمن أكّد أن المسلسلات الطويلة ستبقى مؤقتاً إلى جانب الشكل الجديد (45 حلقة)، إلى أن يتمّ الاستقرار على القالب الأنسب. من جانبه، رأى السيناريست الكبير بشير الديك أن الموضوع يحدِّد عدد حلقات المسلسل، فثمة فكرة تصلح لسهرة واحدة وأخرى لمسلسل من 30 حلقة، وثمة موضوع يتحمل أن نقدمه على أجزاء، والعكس صحيح. وتابع موضحاً: «اليوم، للأسف يختار الصانعون شكل المسلسل وأبطاله قبل الفكرة، لأن الموضوع تجاري بحت، والمنتج يريد أن يكسب قبل أن يقدِّم مادة ممتعة للجمهور، لا سيما أنه يبيع العمل الطويل للفضائيات بسعر مسلسلين، ويكون تكلّف ميزانية مسلسل من 30 حلقة فقط.وأضاف أن لجوء منتجي هذه المسلسلات إلى شكل جديد هدفه زيادة الربح والمشاهدة، وليس تقديم أعمال أفضل فنياً.
رأي النقد
أكّدت الناقدة ماجدة خير الله: «لم يحقِّق معظم المسلسلات الطويلة أي نجاح يُذكر، والعودة إلى مسلسلات الـ30 حلقة أمر طبيعي، حتى أننا سنشهد أعمالاً ذات عدد حلقات أقل بسبب ضعف النصوص والملل من المط والتطويل».ومن اللافت، بحسب خير الله، أن الوكالات الإعلانية تُحدِّد خريطة الدراما وترسمها منذ سنوات، فتقترح الموضوعات على الصانعين مثل الحركة، والرومانسية، وقضايا المرأة... وهو أمر سيئ للغاية وسبب مباشر في تواضع مستوى الدراما التلفزيونية التي أصبحت تتعامل بمنطق «الزبون دائماً على حق» وتُقدم المطلوب منها، فيما غاب الخيال والإبداع.في السياق نفسه، أوضح الناقد نادر عدلي أننا نعاني ضعف النصوص وتواضع مستوى الكتابة، لذا جاءت المسلسلات الطويلة سيئة وتفيض بالمط والملل، حتى دراما رمضان شابتها المشكلة نفسها، ذلك أن معظم الكُتاب تعامل معها بمنطق التجارة من دون إبداع أو حبكة درامية قوية، فالمهم ملء ساعات البث. وأضاف: «رغم وجود المسلسلات الطويلة منذ سنوات فإننا لا نتذكر مسلسلاً جيداً منها أو حقّق نجاحاً كبيراً لتميزه باستثناء «الأب الروحي» بسبب موضوعه المختلف والتنفيذ الجيد. كذلك لجأ بعض القنوات إلى تجميع حلقات بعض المسلسلات تقليلاً لعددها، فحققت مشاهدة جيدة، ما يعني أن الجمهور بحاجة إلى أعمال بحلقات أقل، وأتوقع تخفيض الأخيرة في المواسم المقبلة».
السيناريست بشير الديك يؤكِّد أن الصانعين يختارون شكل المسلسل وأبطاله قبل الموضوع