ديوانك الجديد «كؤؤس الأحلام» خواطر شعرية، ما الفرق بينه وبين الشعر الحر مثلاً؟ لست مختصة لأقيّم أو أصنف، أترك ذلك لأهل الاختصاص، في الشعر والأدب. كتبت على كتابي خواطر شعرية، لأنني أطلقت العنان لخواطري، من دون قيد، فمنها القريب إلى الشعر، ومنها الشبيه بالنثر، وهي في النهاية خواطر جالت داخل أفكاري، وانسابت بحروف على الورق.
في النهاية، يكتب الشاعر ما يشعر به وأعتقد بأن أية خاطرة، فيها مشاعر ولغة سليمة وموسيقى، تسمى خاطرة شعرية . أنت ابنة بلدة «المحيدثة» في قضاء راشيا الوادي في البقاع الغربي بلبنان، الزاخرة بمفكرين ومثقفين نهلوا من التعايش بين الطوائف المختلفة في المنطقة أجمل إبداعهم. كيف أثرت بيئتك في كتاباتك؟ أسكن راهناً بعيداً عن بلدتي الأم «المحيدثة»، لكنها لا تزال في أعماقي، ويأخذني الحنين إليها دائماً. أشتاق إلى أهلها الطيبين، وأحنّ إلى رفاق الطفولة البريئة، وإلى الشوارع الضيقة، والساحات. وكتبت خاطرة في كتابي «كؤوس الأحلام»، تمنيت فيها، أن يعود بي الزمن، يوماً واحداً، لأوقظ فيه طفولتي. وفي كتاباتي كافة، حنين إلى الماضي البريء، المجرد من التلوث.كتابك الجديد، هل هو عصارة قلبك وفكرك وتجاربك أم يتضمَّن تفاعلك مع تجارب الآخرين والمحيطين بك؟يؤثر تفاعلنا مع تجارب الآخرين فينا أحياناً، ويولد أفكاراً، لكننا نصوغها بموجب قناعاتنا ومفاهيمنا للحياة، ويأخذنا الخيال لنسج الأحلام التي تسكننا، ولا نجد ملاذاً لها سوى في الحروف.هل تقاربين الواقع من منطلق الإنسانية الشاملة أم من منطلق المرأة الكاتبة؟ أبحث دائماً عن الإنسان، الذي أضاع نفسه في غوغاء، ونسي جوهره وسعادته الحقيقية، ولا أفرق بين رجل وامرأة في الإنسانية. أتوق إلى الرقي في المشاعر، وإلى الحب الصادق والنقي، وإلى الإيمان والعودة إلى الله.
عودة إلى الذات
منذ متى بدأت علاقتك بالكتابة، ولماذا اخترت هذا الوقت بالذات لنشر كتابك الأول؟ منذ صغري، أهوى الكتابة والمطالعة، لكن الظروف لم تكن مؤاتية لانشغالي بتربية بناتي. الآن شعرت بالهدوء والسكينة، فاستيقظت في داخلي الرغبة بأن أعبر عما يجول في خاطري .عدت إلى ذاتي، وأمسكت بقلمي، وكان تشجيع قرائي، بأن أكمل، وأطبع كتابي.إلى من تتوجهين في كتابك وما الرسالة التي تحرصين على توجيهها من خلاله؟ أتوجه بكتابي، إلى كل من خذلته الحياة، وذرف دمعة، في زمن الجمود والمادة. رسالتي إلى الإنسان، أن يستنبط من داخله الروعة، المفعمة بالمحبة والطيبة والوفاء، وأن يحلق بروحه، في فضاء الجمال.هل البوح بما يتفاعل في روحك وعقلك من أفكار وقناعات وتجارب يجب أن يكون على حدود الخيال والحلم خشية الوقوع في تعقيدات الواقع؟الواقع جاف دائماً، أما الخيال فيأخذنا إلى الأماكن التي تروق لأرواحنا، فالأحلام غذاء النفس التواقة إلى التحرر. أظنّ أن تفاعل الواقع مع الخيال، هو الذي يولد ذلك الحلم الذي نصبو إليه.الكتاب مهدى إلى والدك جورج حداد، فما الدور الذي أداه في توجيهك نحو الكتابة؟ كان أبي شاعراً زجلياً، وكان يتمتّع بالهدوء المفعم بالوقار. كان بالنسبة إلي، قدوة ومثالاً. ربما ورثت الكتابة عنه بالفطرة، وأتمنى أن تكون هديتي لروحه كافية، لأعبِّر بها، عن مدى حبي وشوقي إليه، واعتزازي به .قلب الثقافة
تشغلين منصب عضو في هيئة الحوار الثقافي الدائم، أخبرينا عن هذه الهيئة.تعنى هيئة الحوار الثقافي الدائم بالتكريمات لرجال الفكر والثقافة والأدب والفن، وتنظم المهرجانات والأمسيات الشعرية، وهي منتشرة في دول عربية عدة، هدفها نشر الثقافة والأدب في الوطن العربي.ما الذي يسهم في استمرارية النشاطات الثقافية وتفعيلها على مدار العام في قضاء راشيا البعيد عن بيروت؟ قضاء راشيا الوادي، منطقة يتمتّع أهلها بالعلم والثقافة. ربما بعدهم عن صخب المدينة ولّد فيهم ذلك الهدوء، الذي يحتاج إليه الأدب والشعر.أود في هذا المجال التنويه بجمعية «محترف راشيا» التي أطلقت ديواني من على منبرها، وبالدور الذي تؤديه بشخص رئيسها الدكتور شوقي دلال، في تنشيط الثقافة في منطقة البقاع وفي الإبقاء على دوران عجلتها طوال العام، ما جعلها تحتلّ مكانة مهمة في قلب الحياة الثقافية في لبنان.كذلك أود التنويه بما قاله د. دلال حول الكتاب معتبراً إياه أنه «نابض بالأحاسيس الصادقة»، وهذه شهادة أعتزّ بها وتحفزني على الاستمرار في العطاء الأدبي.الأمسيات الشعرية
حول الدور الذي تؤديه الأمسيات الشعرية في تقريب الشاعر إلى الجمهور توضح الشاعرة لودي الحداد: «إلقاء الشعر، أمام الجمهور الذواق، له رونق خاص، فتفاعل المتلقي، يعطي دعماً وثقة كبيرة للشاعر، لأن هدف الكتابة أن تصل إلى الآخرين، وتدخل قلوبهم، وتوقظ أحاسيسهم». تضيف: «للأسف، الثقافة دائماً لا تجد حقها المطلوب، في زمن السرعة، والركود المادي، الذي جعل الناس، يلهثون وراء لقمة العيش، ونسوا غذاءهم الروحي. لكن ثمة نخبة من المثقفين، ما زالت تهوى الشعر والأدب، وتلبي الدعوات إلى الأمسيات الشعرية، وهي عدد لا بأس به».