تتجه الأنظار اليوم للعاصمة اليمنية صنعاء، وسط ترقب لصدام محتمل بين طرفي الانقلاب، جماعة "أنصار الله" الحوثية والرئيس السابق علي صالح، في وقت ذكرت تقارير أن الأخير حشد نحو 30 ألف مقاتل من أنصاره لتأمين فعاليات حاشدة للاحتفال بالذكرى الـ35 لتأسيس حزب "المؤتمر الشعبي" الذي يتزعمه.

وفي تطور غير مسبوق، عشية حشد "المؤتمر" ودعوة "أنصار الله" لاتباعها بالاحتشاد على مداخل صنعاء، توعدت الميليشيات الحوثية الرئيس السابق، وقال بيان صادر عن "اللجان الشعبية"، إحدى الأطر التي تنشط عبرها الجماعة الحوثية وميليشياتها المسلحة، أمس، إن وصف صالح لها بـ"الميليشيات" يحمل "تجاوزا لكل الخطوط الحمراء واستهدافا لدرع الوطن الحصين في وجه قوى العدوان".

Ad

ووصف البيان الحوثي اللجان بأنها "قوة شعبية وطنية في طليعة المعركة التاريخية إلى جانب الجيش"، وأن وصفها بالمليشيا هو "الغدر بعينه".

وتابع البيان بهجوم قاس على صالح، إذ وصفه بأنه "يتربص شراً" وأنه "المخلوع عن كل شيمة ومروءة وطنية ودين وأعراف وأسلاف، متنكرا لنهر من الدماء المقدسة"، مضيفا أن عليه "تحمل ما قال والبادئ أظلم".

جاء ذلك وسط أنباء عن انتشار قوات من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة التابعة لصالح على مداخل العاصمة صنعاء، لتأمين وصول أنصاره من قبائل طوق العاصمة، للمشاركة بالاحتفال المقرر بميدان السبعين.

ونقلت تقارير يمنية عن مصادر عسكرية رفيعة، أمس، أن صالح أصدر توجيهات بسحب قوات الحرس الجمهوري الموجودة في محافظة الحديدة الساحلية، والدفع بها باتجاه صنعاء على وجه السرعة.

تضييق وتنسيق

في المقابل، ضيقت الميليشيات الحوثية المسلحة على أنصار الرئيس السابق بعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، من بينها زمار واب وعمران، لمنعهم من المشاركة في فاعليات ميدان السبعين أو الدعوة لحضورها. واستدعت الميليشيات الحوثية تعزيزات ودبابات من محافظة عمران، وكثفت من نقاط التفتيش التابعة لها بمداخل العاصمة وشوارعها.

واتهمت تقارير حوثية صالح، أمس، بالتنسيق مع التحالف عبر نقل احداثيات النقاط الأمنية التابعة لهم التي قصفها الطيران حول صنعاء أمس، وهي نقطة ريمة حميد ونقطة سيان ونقطة قاع القيضي ونقطة في شارع المئة في المدخل الجنوبي للعاصمة ونقطة في همدان.

وكان رئيس ما يسمى بـ"اللجنة الثورية" محمد الحوثي دعا أنصار جماعته للاحتشاد عند مداخل صنعاء، في محاولة على ما يبدو للحيلولة دون قدوم أعداد كبيرة من أبناء قبائل طوق العاصمة الموالية للرئيس السابق للمشاركة في فاعليات ميدان السبعين.

حظر الأحزاب

في مؤشر آخر على حجم الخلاف، أعلن لقاء موسع للتنظيمات والأحزاب الموالية لـ"أنصار الله"، مساء أمس الأول، حالة الطوارئ في اليمن لحماية الجبهة الداخلية والتفرغ لمواجهة "العدوان"، في إشارة إلى "التحالف العربي" والجيش اليمني الموالي للحكومة الشرعية.

ودعا بيان صادر عن اللقاء الذي انعقد في صنعاء، إلى تجميد الأنشطة الحزبية وتوفيرها لما يصب في مواجهة ما وصفه بـ"العدوان" ورفع الحصانة عن البرلمانيين المنخرطين معه. وتستهدف دعوة حظر الأنشطة الحزبية، في المقام الأول، حزب "المؤتمر"، بعد قيام بعض نوابه بزيارة السعودية ولقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي تقود بلاده تحالف دعم الشرعية، أخيراً، في محاولة لحلحلة المسار السياسي لإنهاء الأزمة اليمنية.

وقال البيان إن "المؤامرة التي تحاك على الوطن كبيرة، ولا يجوز أن تكون الفعاليات للطعن في الظهر"، في إشارة لحشد المؤتمر بميدان السبعين.

اختبار تاريخي

في هذه الأثناء، وفيما يشتد الاحتقان بين الحوثيين وحليفهم صالح، أعرب وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، الذي تعد بلاده شريكا رئيسياً في "التحالف العربي"، عن الأمل أن يتراجع حزب "المؤتمر" يوم الغد عن التحالف مع الجماعة المدعومة من إيران.

ورأى المسؤول الإماراتي في هذا الحدث الذي يتزامن مع دعوات الحوثيين لأنصارهم للتجمع في نفس الموعد في صنعاء، في تحد لحليفهم، "فرصة تاريخية" أمام "المؤتمر" للتراجع عن التمرد، "ليكن قراره لمستقبل اليمن".

وبدأت الانقسامات بالظهور هذا الأسبوع بين زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي والرئيس السابق بعدما تحالفا منذ عام 2014 ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، حيث تبادلا الاتهامات في خطابات متلفزة.

وفي وقت سابق، كثفت مقاتلات التحالف غاراتها الجوية على نقاط المتمردين بمحيط العاصمة صنعاء وداخلها، ليل الثلاثاء ـ الأربعاء، وأفادت مصادر محلية بمقتل 40 معظمهم ينتمون للميليشيات الحوثية بغارات قرب معسكر الصمع، في منطقة أرحب شمال العاصمة.

وأضافت المصادر أن غارة استهدفت نقطة تفتيش للحوثيين، وأدت إلى مقتل ستة منهم، تلتها غارتان استهدفتا نزلا مكونا من طابقين، مما أدى إلى مقتل 34 شخصا معظمهم من الحوثيين كانوا يتجمعون فيها، استعدادا لفعالية يوم غد.

اجتماع وتحسب

وترأس صالح الصماد، رئيس ما يعرف بـ"المجلس السياسي الأعلى" المشكّل من قبل الحوثيين وحلفائهم، اجتماعا مخصصا لمناقشة "الخطة العسكرية والأمنية لتأمين الاحتفال الذي دعا إليه حزب المؤتمر بذكرى تأسيسه، والفعالية التي دعت إليها اللجنة الثورية الخاصة بدعم الجبهات وتسيير القوافل".

ووجه الصماد بـ"أخذ كامل الاحتياطات لمنع أي احتكاك أو صدامات قد تفتعلها القوى المتربصة بالوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية"، مضيفا أن الأجهزة الأمنية "لمست أعمالا تسعى لإقلاق الأمن ونشر الفوضى وتنفيذ بعض الأعمال الإجرامية"، ملوحا بـ"حسم مطلق" في حال حصول اضطرابات.