حكومة ردود الأفعال لا تبني دولة
تعيين الوافدين ليس المشكلة، وآلية اختيار أعضاء مجلس التخطيط ليست المشكلة، وفوضى العلاج بالخارج ليست المشكلة، وعجز "التطبيقي" عن قبول المتقدمين إليه ليس المشكلة... المشكلة هي عدم وجود مشروع دولة حقيقي يتبناه مجلس وزراء محترف ويراقبه مجلس أمة نزيه.
مجلس الوزراء قرر مؤخراً التحرك في قضية التوظيف، وتحديداً بشأن تعيين الوافدين في المؤسسات الحكومية وتسابق بعض القياديين على الكرم في زيادة مكافآت الإخوة الوافدين وتعيينهم سراً وجهراً في وظائف إدارية عادية. وبحسب الخبر فإن التحرك الحكومي هذا لم يكن منشأه رؤية حكومية لقضية التوظيف ولا لسياسة الدولة في رعاية مواطنيها ولا تطبيقاً لخطط التنمية والمركز المالي، ولا أسطورة "كويت سنة 2035 " التي شبعنا من سماعها وإنما جاء التحرك هذا لأجل "محاصرة التصعيد النيابي"... (القبس 21-8-2017).الحكومة التي تتصرف بردود الأفعال هي حكومة ركيكة فاقدة للرؤية وعاجزة عن المبادرة، والحكومة التي لا تملك زمام أمورها ولا تبصر طريقها وتجهل أين مسيرة مركبها هي حكومة "طبعانة" وستطبعنا معها ما لم تتم الانتفاضة الإدارية الحقيقية في منهج الدولة.لنأخذ موضوعاً بسيطاً جداً، كقضية تعيين الوافدين، وسأنقل إليك عزيزي القارئ تصريحات حكومية من آخر ثلاث سنوات فقط لتعلم فعلاً أن الحكومة في وادٍ وتصريحاتها في وادٍ وهموم الشعب في واد آخر...
1- أوصت اللجنة الحكومية لمعالجة اختلالات التركيبة السكانية بـ"وقف توظيف العمالة الوافدة في القطاع الحكومي إلا في التخصصات النادرة، وتلك التي لا تتوافر في المواطنين". (الراي 2-5-2015).2- مجلس الخدمة المدنية أصدر توصية بمنع ديوان الخدمة من تعيين الوافدين في جميع الوزارات والجهات والمؤسسات الحكومية. (الأنباء 21-6-2016)3- تم إيقاف تعيين الوافدين في جميع التخصصات، ولن يكون هناك تعيين في أضيق الحدود كما كان معمولاً به على أن يتم تأهيل الكويتيين للوظائف التي ما زال يشغلها وافدون في الحكومة. (الأنباء 26-7-2017).يا ترى ماذا كانت نتيجة تلك التصريحات والأخبار الحكومية خلال السنوات الماضية عن تعيين الوافدين؟ النتيجة أن الحكومة ستبدأ الآن في حصر الأعداد ومراجعة التوظيف وإيقاف التعيين، وهلم جرا من أحلام اليقظة التي يصدقها الناس أو ينسونها بعد أن تطفح على السطح مشكلة جديدة تشغلنا عن مشاكلنا المستديمة.تعيين الوافدين ليس المشكلة، وآلية اختيار أعضاء مجلس التخطيط ليست المشكلة، وفوضى العلاج بالخارج ليست المشكلة، وعجز "التطبيقي" عن قبول المتقدمين إليه ليس المشكلة... المشكلة هي عدم وجود مشروع دولة حقيقي يتبناه مجلس وزراء محترف ويراقبه مجلس أمة نزيه ليتحقق مستقبل زاهر لأجيالنا... فكل ما نعيشه هو مشاريع شخصية يدفع الوطن وأبناؤه تكلفتها... والله الموفق.