«بيت الفنان» بحمانا ينشر الثقافة في الريف اللبناني
من الخارج، يبدو «بيت الفنان» بقرميده الأحمر وجدرانه الصخرية وقناطره كغيره من البيوت في بلدة حمانا، أحد أبرز المصايف في جبل لبنان، لكنه في الحقيقة مركز يساهم في امتداد النشاط الثقافي والعروض المسرحية والموسيقية إلى الريف اللبناني.ويسعى القائمون على «بيت الفنان» إلى أن يكون هذا البيت المبني على الطراز اللبناني القديم مساحة للتبادل والحوار، وتنشيط الحياة الثقافية في الريف، بعدما ظلت لوقت طويل تتركز في المدن، وتحديدا في بيروت.وقال المدير الفني لـ«بيت الفنان» الفرنسي إريك دونيو: «الجمهور في القرى متعطش للمسرح، ومن الضروري أن تتوافر مساحات ثقافية خارج بيروت»، مؤكدا ضرورة «أن تصبح الثقافة في متناول الجميع بكل المناطق».
وأشار دونيو إلى أن إقامة هذا المشروع في حمانا، التي تبعد نحو 33 كيلومترا إلى الشرق من بيروت، على ارتفاع 1200 متر، تساهم في تحقيق هذا الهدف.وأضاف: «نحن نسعى رويدا رويدا إلى أن نقيم رابطا مع الجمهور المحلي، ليشعر بالانتماء إلى هذا المشروع دون أن يضطر إلى الانتقال إلى بيروت لمشاهدة عرض مسرحي أو حفلة موسيقية».وأقيم المشروع في منزل مهجور يعود تاريخ بنائه الى أكثر من 100 عام. وأوضحت المديرة التنفيذية للبيت جوليان عرب لوكالة «فرانس برس» أن العمل بالمشروع بدأ قبل 4 أعوام، بمبادرة من مالك هذا المنزل روبير عيد، وهو رجل أعمال لبناني مغترب، أراد إقامة مشروع ينعش البلدة التي يحبها، وهي مسقط رأس والدته، وأراد أن يحول المنزل القديم «إلى فضاء ثقافي وفني جامع».وتتولى إدارة المشروع فنيا «مجموعة كهربا» التي أسسها دونيو مع اللبناني اوريليان زوقي. ويضم «بيت الفنان» صالة يمكن أن تقام فيها معارض للأعمال التشكيلية أو حفلات موسيقية، وفيه أيضا صالة بأرضية خشبية مخصصة للرقص والتمرينات.وفي الطبقة العلوية من البيت مساحة أخرى للعرض والتدريب، وأضيف إليه جناح صغير يضم مشغلا للسينوغرافيا فيه تجهيزات للصوت والإضاءة وأدوات لصناعة الدمى تتيح للفنانين العمل على ديكورات عروضهم.ويضم البيت غرف نوم ومطبخين وحمامات وصالات جلوس فرعية، وقبالته ساحة كبيرة حوّلت إلى مسرح في الهواء الطلق.وتقول جوليان عرب: «هذا البيت مفتوح لاستضافة الفرق الفنية وأشكال عدة من الأنشطة الثقافية، منها عروض فنية، وهو يلبي احتياجات الفنانين».وهو بمساحاته وطريقة تنظيمه ورؤيته الفنية، ومجهز لاستضافة الفرق لتطوّر عملها، «وهو ما نحتاج إليه في لبنان، خصوصا أن ثمة فرقا مسرحية وموسيقية لا تجد سوى مستودعات لتتدرب فيها»، بحسب زوقي.ويركز دونيو على أهمية العلاقة الانسانية التي يتيحها هذا البيت، وقال: «نحن في بيت للفنان وليس في مركز ثقافي. إنه مساحة للتبادل والحوار والألفة بين الفنانين ببعضهم، وبين الفنانين والناس الذين يعيشون في القرية ومحيطها»، مضيفا: «أعطينا دروسا في الرقص لأطفال القرية، وبدوا متحمسين وكذلك أهلهم، إذ استطاع الأولاد عيش تجربة ثقافية».ولا يفتح البيت أبوابه للفنانين اللبنانيين فحسب، بل يرحب ايضا بالفنانين من خارج لبنان، ويحرص القائمون عليه على إقامة شراكات بهدف التبادل الثقافي والفني على مدار السنة. وأول الغيث استضافة تلاميذ مدرسة «الدرب الاحمر» المصرية للفنون التي تعنى بتدريس الموسيقى والرقص وأساليب السيرك.وأبدت مديرة المدرسة خولى أبوسعدة، سعادتها بتجربة الإقامة في «بيت الفنان». وقالت إنه مخيم صيفي «اخترنا 12 تلميذا بعدما خضعوا لاختبار. للمرة الاولى، يسافر طلابنا بغرض تعلم واكتساب مهارات وليس بهدف العرض فقط».وأضافت أبوسعدة: «المدربون هنا موجودون مع طلابنا طوال الوقت، وهم من ثقافات مختلفة مما يثري تجربة التلاميذ».