يولد هنا فيتعلم منذ نعومة أظفاره أن تلك الآسيوية وجدت لتنفيذ طلباته اللانهائية دون توقف ولا تأفف، يجلس مع والديه– حين يسمح وقتهما و»مزاجهما» بذلك- فيتعلم الحوار الطائفي وازدراء كل من اختلف عنه وإن كان مواطناً، يلتحق بالمدرسة فيتعلم الاستهزاء بالمعلم- خصوصاً الوافد- والشعور بالأحقية في النجاح والامتياز دون بذل أي مجهود يذكر، يكبر وتكبر معه تلك العنصرية، فتراه يصنف الناس على سحناتهم ولكناتهم، يدعّم ذلك المنظور الضيق بالمسرحيات الهابطة وانعدام وجود إعلام حقيقي.يلتحق بوظيفة حكومية آمنة فيسرف في الإنفاق على الكماليات، بل قد يصل الأمر إلى استلاف القروض لتحقيق تلك الصورة الفخمة الفارغة، يطالب الحكومة لاحقاً بإسقاط تلك القروض وتحمل مسؤولية قراراته غير الحكيمة! يغلف نفسه بالكِبر فتزداد الفجوة بينه وبين الآخرين، وتتحول العلاقات الاجتماعية إلى منافسة: من المستهلك الأكبر؟
دائماً يفكر كيف يأخذ المزيد ببذل أقل مجهود ممكن، وإن كان ذلك دون وجه حق مع كل أسف، لا يفكر قط كيف يمكنه أن يخدم بلده ومجتمعه بالعطاء ورد الجميل والمبادرة، أو بمجرد أداء عمله بنزاهة وإخلاص، فتلك بالنسبة إليه مجرد ترهات ومثاليات بعيدة المنال.شاءت الأقدار أن يولد هنا، ذلك قدر لم يكن له يد فيه، هو ولد هنا فحسب، وكبر معه الشعور بالأحقية، ذلك الشعور المقيت الذي يجعل المرء يعتقد أنه يستحق المزيد بسبب تكوينه الجيني بدلاً من العمل النزيه، هو ما يبرر له تجاوز القانون والضرب بمبادئ الاحترام والإنسانية عرض الحائط، حتى في أبسط معاملاته اليومية مع الآخرين، وهو ما يجعله يظن أنه، ببساطة، أفضل من غيره.نموذج مخيف، وتكمن الكارثة في مدى انتشاره بيننا، هي ثقافة مجتمع سلبية، فلابد من نسفها تماماً وإعادة تعريفها.«كلما ازداد الإنسان غباءً ازداد يقيناً أنه أفضل من غيره بكل شيء». (علي الوردي)
مقالات - اضافات
الأحقية
25-08-2017