أغلب الظن، لا بل المؤكد، أن علي عبدالله صالح عازم على فك وإنهاء تحالفه مع "الحوثيين"، والانقلاب عليهم، وأن هناك مؤشرات ستتضح قريباً بأنه كعادته سينتقل إلى حليف جديد داخلي، وإلى "ضامن" خارجي، أغلب الظن أنه جرى تأمينه مسبقاً، قبل افتعال هذا التصعيد باستعراض أمس في ميدان السبعين، فالمعروف عن هذا الرئيس اليمني السابق أنه مناور بارع بالفعل، وإلا لما حكم كل هذه الفترة الطويلة، وأطاح رؤوساً كبيرة، مع أنه بدأ مشواره جندياً مبتدئاً لا ينحدر من عائلة تعتبر من العائلات المرموقة الكبيرة.

وبالتأكيد فإن علي عبدالله صالح، الذي وقع المبادرة الخليجية الشهيرة في الرياض، 20 نوفمبر 2011، وهو يفكر في الانقلاب عليها وعلى الشرعية الجديدة التي استندت إليها، قبل هذا "التسخين" مع الحوثيين، الذين خاض معهم 6 حروب دامية، وفر سلفاً الحليف الداخلي والحليف الخارجي، فهذا هو ما فعله قبل إزاحة الرئيسين السابقين إبراهيم الحمدي وأحمد الغشمي، بالاغتيال الذي لا يزال سراً من الأسرار اليمنية الكثيرة، وقبل التخلص من علي سالم البيض، ومحاولة تخلصه الفاشلة من الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي الذي اختاره كنائب له من بين كل القيادات الجنوبية.

Ad

إنه غير ممكن، وعلى الإطلاق، أن يقوم علي عبدالله صالح بهذا الذي يقوم به من استعراض قوة واستفزاز للحوثيين "أصدقاؤه الأعداء" لو لم يكن قد رتب أموره سلفاً، وخاصة بالنسبة لحلفائه الجدد الداخليين والخارجيين، والمؤكد أنه لا يمكن أن يقدم على مغامرة بكل هذا الحجم لو أنه لم يوفر مسبقاً "معادلته" الجديدة، ولم يضمن الند الفعلي لإيران التي هي الحاضنة الرئيسية للحركة الحوثية، التي لا يمكن أن تتخلى عنها، ومثلها مثل حزب الله اللبناني، والحشد الشعبي العراقي، وكل هذه الفيالق الطائفية التي غدت تحتل سورية.

والسؤال هنا هو: هل يا ترى بالإمكان احتضان علي عبدالله صالح مجدداً، حتى من قبل "التحالف العربي" الذي هو المعني المباشر بالقضية اليمنية وبـ"السلام" كما في الحرب؟ وهل سيعتبر "ولداً ضالاً" وتقبل "عودته" وتفتح معه صفحة جديدة كالعادة؟!

وحقيقة انه لمواجهة إيران وإفشال "مشاريعها" التمددية في هذه المنطقة باليمن تحديداً، فإنه بالإمكان الاحتكام إلى قاعدة "عفا الله عما سلف"، وفتح صفحة جديدة إن ليس مع علي عبدالله صالح مباشرة فمع حزبه (المؤتمر الشعبي)، ففي السياسة لا توجد محرمات، وكل شيء ممكن ما دام الهدف تخليص هذا البلد العربي من الهيمنة الإيرانية التي غدت زاحفة في اتجاه العديد من الدول العربية!