هل هناك اختلاف بين جوليت وعبلة في المفهوم العام للرومانسية؟ لو تتبعنا الرومانسية في نموذج من مسرحية شكسبير مع نظرة لسيرة عنترة بن شداد، وقارنا بين قيس بن الملوح مع ويليام ووردز وورث للاحظنا أوجه التشابه والفروق الرومانسية العربية والغربية، ويندرج ذلك على كثير من نصوص الأدب لدى العرب والغرب في الغرام. وأغلب النقاد اعتبروا أن ووردز وورث كان أعذب لسان نطق بلغة قبيلتيّ الأنجلو والساكسون، (الأنجليس) لما قال:
She was a phantom of delight When first she gleamed upon my sight; كانت شبح بهجةلما ومضت بعيني.Her eyes as stars of Twilight fair; Like Twilight's, too, her dusky hair;عيناها كصراحة النجومفي سموات فضاء سواد شعرها ولفظ الشبح عند النصارى هو روح الميت الحرة التي لم تحرقها جهنم لا الجني. ولكن مثل هذا يتجلى بوضوح عند العرب لا سيما قيس بن الملوح بأن يخلد طفلا مع بنت عمه، ونفى علة الانجذاب الجنسي إليها، مثلما وصف ووردز وورث معشوقته بشبح لا علاقة لشهوانية فيه. فيقول قيس:تعلَقت ليلى وهي ذات تمائم ولم يبد للأتراب من ثديها حجم صغيرين نرعى البهم يا ليت أنّنا إلى اليوم لم نكبر، ولم تكبر البهمأما في إيطاليا فإن عائلتا مونتاغو وكامبلوت كانتا تتحاربان بضراوة أعمتهما عن حب وقع بين شاب وشابة من طرفهما، إلى أن شهدت جوليت روميو هالكا، فدلقت السم بجوفها لتنفجع الأسرتان بمصرعها، فاتحدتا متأخرتين. وحصل ما يشبه ذلك بموروثنا البدوي، فقد تعلق رجل بفتاة قبيلة أخرى، فطلب يدها على أتم "مواجيب" الأصول، فوافق الأب بشرط أن يسمح ابن عمه "المحجر عليها"، لأن الفتاة في البادية لا تتزوح إلا برضا ابن عمها، فأقسم ألا يراها ذاك مهما عاش لا بل تعهد نكاحها، فأقسمت على الانتحار بسم، فجلس عشيقها على قبرها شهراً وهو مذهول، وبعد هذه الأعوام سكنت الأسرتان في بيتين مجاورين، ليعيش الأحفاد ذكرى القلبين المشروخين.ومما أدهشني وجود قصة في الغرب تشابه المنظور الجاهلي والعنصري الذي لم يسمح لابن "العَبدة" أن يناسب الحرة حتى إن كان أشجع الفرسان، فشكسبير ألّف مسرحية المحارب أوثيلو الأسود الأندلسي (قد يكون سليل بِن شداد) الذي لم يقبل المجتمع زواجه من البيضاء، وفي نص المسرحية الممنوعة في جامعة زيمبابوي لعنصريتها، قال شكسبير على لسان شخصية دووك ابن عم عشيقة أوثيلو: "..Your son-in-law in far more fair than black"(مجرد جلد ابن العم أقيم من كيان الأسود).لكن الرومانسية داء القلوب المتيمة ودواؤها، وهذا ما قاله المتنبي برثائه خولة بنت سيف الدولة، وهو يلخص رومانسية العالم:وَإنْ سَرَرْنَ بمَحْبُوبٍ فجَعْنَ بهِوَقَد أتَيْنَكَ في الحَالَينِ بالعَجَبِ فتبقى الحبيبة الوحيدة علاج قلب الرجال، ويبدو أن بيننا وبينهم تلاقيا كبيرا في الرومانسية ومعنى الحب، لكن الاختلافات فتحتاج إلى دراسة متأنيىة لا تسمح بها مساحة المقال.
مقالات - اضافات
بين رومانسية العرب والغرب
26-08-2017