غداة تحذير اللجنة الدولية المعينة رسمياً برئاسة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان لإصلاح الانقسامات الطويلة في ميانمار "من خطر تطرف الأقلية المسلمة بسبب الاضطهاد"، هاجمت مجموعة من "الروهينغا" عدداً من المراكز الحدودية في أعمال عنف غير مسبوقة منذ أشهر، أسفرت عن مقتل نحو 80 على الأقل من رجال الشرطة والمسلحين في ولاية راخين بغرب بورما.

وهاجم نحو 150 من متمردي "الروهينغا"، صباح أمس، أكثر من عشرين مركزاً حدودياً للشرطة، بحسب ما أعلنت حكومة أونغ سان شو شي المدنية، في عملية تعد الأكثر دموية منذ عدة أشهر في هذه الولاية التي تشهد توتراً شديداً بين المسلمين والبوذيين.

Ad

وأعلن قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلاينغ، أن "العسكريين ورجال الشرطة يقاتلون معاً ضد الإرهابيين البنغاليين (الروهنيغا)"، الذين تعتبرهم السلطات البورمية مهاجرين من بنغلادش المجاورة وتطلق عليهم هذه التسمية وتحظر استخدام كلمة "روهينغا" في البلاد ذات الأغلبية البوذية، التي يتمتع فيها الرهبان المتطرفون بنفوذ كبير.

ويعيش في ولاية راخين آلاف من "الروهينغا"، الذين تعتبرهم الأمم المتحدة الأقلية الأكثر تعرضاً للاضطهاد في العالم، إذ يتعرض أفرادها للتمييز في عدد من المجالات من العمل القسري إلى الابتزاز وفرض قيود على حرية تحركهم وعدم تمكنهم من الحصول على الرعاية الصحية والتعليم وسوق العمل.

ووفق قائد الجيش البورمي، فإن "المعارك مستمرة" في هذه المنطقة الواقعة على الحدود مع بنغلادش، خصوصاً حول مراكز الشرطة في قريتي كيار غونغ تونغ ونات شونغ، موضحاً أن المهاجمين استولوا على أسلحة في عدد من مراكز الشرطة.

وتشبه طريقة شن الهجمات تلك التي اتبعت في هجمات استهدفت مراكز حدودية في أكتوبر 2016. وتلت هذه الهجمات حينذاك موجة نزوح إلى بنغلادش لآلاف من "الروهينغا"، الذين قدموا شهادات مروعة عن فظائع ارتكبها الجيش بعد هذه الهجمات من جرائم اغتصاب جماعية إلى عمليات تعذيب وجرائم قتل ومجازر.

وذكرت مصادر أمنية في المكان، أن العديد من مراكز الشرطة، التي تعرضت للهجوم على الحدود مع بنغلادش كانت لا تزال محاصرة خلال النهار.

وقال مسؤول أمني في بوتيدونغ القريبة من موقع الهجوم، إن "الوضع معقد، العسكريون يصلون" لتعزيز قوات الأمن.

وأشارت الحكومة البورمية إلى تزامن هذه الهجمات مع نشر التقرير النهائي للجنة كوفي أنان حول الوضع في ولاية راخين، التي دعت أمس ، بورما إلى منح المزيد من الحقوق للروهينغا خصوصاً حق التنقل، وإلا فانها قد "تتشدد".

والوضع بالغ الصعوبة خصوصاً بالنسبة إلى 120 ألف مسلم يعيشون في مخيمات نازحين في ولاية راخين حيث لا يمكنهم الخروج إلا بصعوبة وبموجب إذن مرور.

وتعود آخر الهجمات الدامية على مراكز شرطة إلى خريف 2016. وتلاها تشدد في تحركات الجيش في المنطقة مع إحراق قرى وفرار جماعي "للروهينغا" باتجاه بنغلادش المجاورة.

وشبكة مجموعات "الروهينغا" الضالعة في العنف غير واضحة تماماً، لكن بينها خصوصاً مجموعة "جيش أراكان روهينغا للإنقاذ" الذي يقود تمرداً انطلاقاً من جبال منطقة ماي يو في شمال ولاية راخين.

ووضعت بنغلادش حرس حدودها في حالة تأهب، بعد الهجوم، وسط قلق من تدفق جديد للاجئين من "الروهينغيا".

وقال الليفتنانت كولونيل عارف الإسلام من حرس الحدود، إن الجنود أعادوا قارباً على متنه 146 من مسلمي "الروهينغا"، الذين كانوا يحاولون العبور إلى بنغلادش، عبر نهر "ناف"، الذي يفصلها عن ميانمار.