هي الآن واحدة من الدول التي يتعايش فيها الناس، رغم الاختلافات العرقية والدينية والعقائدية، لأنها تشكل النموذج الأمثل في التآلف الإنساني، بعيداً عن الهزات التي أورثت الكوارث للعديد من الدول!***
يا تُرى كيف كانت سنغافورة أثناء الحرب العالمية؟!كانت أكبر وأقوى موقع بحري للإمبراطورية البريطانية... ويوم سقوطها في أيدي اليابانيين، صاح وينستون تشرشل: "أفدح كارثة أُصبنا بها، إنها البداية الحزينة للتصفية النهائية لإمبراطوريتنا".وقد صدق الرجل... فلم يكن سقوط سنغافورة مجرد هزيمة لبريطانيا، بل بداية زلزال عنيف دمر، بسرعة مذهلة، الأيديولوجية الاستعمارية في العالم، وقوض أسطورة تفوق الجنس الأبيض، وهدم أكذوبة "كبلنغ" الذي كان كلما نظر إلى مستعمرات بلاده على الخريطة قال بزهوٍ: "الشرق شرق، والغرب غرب... لا يلتقيان".***سنغافورة: جزيرة صغيرة على شكل اللوزة، طولها 42 كيلومتراً، عرضها 22 كيلومتراً، البحر فيها يطل عليك من كل مكان، ما من شارع أو زقاق أو حارة إلا وتنتهي بالبحر، وما من شاطئ إلا ويزخر بكل أشكال السفن: بخارية، شراعية، تجارية، رياضية، وذات مجاذيف أيضاً. ثلاثة عوالم في جزيرة سنغافورة الصغيرة:• الحي الصيني: حيث يأكلون الأرز بأطراف العصا.• الحي الهندي: تفوح منه رائحة الكاري والتوابل والفاكهة.• ثم الحي الأوروبي: حيث الـﭭلل الأنيقة تحيطها الخضرة والأزهار المنتشرة في أزقتها، وأسواقها التي تحفل بأرقى المنتجات الفرنسية والبريطانية، وملاعب الكريكيت والغولف.***عندما كثّف اليابانيون هجماتهم البرية والجوية على الجزيرة الصغيرة أغرقوا معظم وحدات الأسطول البريطاني.• حاول تشرشل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فعزل القيادة وشكّل قيادة جديدة، قائلاً لهم: "دافعوا عن سنغافورة بوصة بوصة، وتذكروا أنها هي نهاية وجودنا في الشرق الأقصى على المدى القصير، وفي آسيا وإفريقيا على المدى الطويل"!لكن القيادة الجديدة أرسلت لتشرشل التقرير التالي: "يجب أن نعترف أن سنغافورة ميناء من العسير علينا الدفاع عنه أو إنقاذه، لأن كل خططنا في الماضي كانت تعتمد على حماية الأساطيل ضد أي هجوم بحري، لكننا لم نحتط للهجوم البري أو الجوي، فالجزيرة الآن عارية من كل دفاع، وسيأتيكم نبأ سقوطها كاملة". وسقطت بالفعل سنغافورة في الحرب... ولكنها نهضت في السلم أسوةً باليابان!
أخر كلام
سنغافورة أسقطت إمبراطورية!
26-08-2017