القائمة السوداء ومحاولات تعتيمها

نشر في 27-08-2017
آخر تحديث 27-08-2017 | 00:14
إذا نجحت الضغوط الأميركية والإسرائيلية في منع نشر القائمة السوداء بأسماء الشركات التي تخرق القانون الدولي بعملها في المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية، فسيسيء ذلك إلى الأمم المتحدة ومكانتها أكثر، ولكنه لن يبيض القائمة السوداء
ولا صفحة الشركات المذكورة فيها.
 مصطفى البرغوثي من المقرر أن ينشر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة الأمير زيد بن رعد في نهاية العام القائمة السوداء بأسماء الشركات التي تخرق القانون الدولي بعملها في المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية.

وقد صار معروفاً أن القائمة ستضم أسماء شركات كبرى مثل كاتربيللر، وتريب أدفايزر وإيربينبي، وكثيراً غيرها، وستحظى الشركات الأميركية بحصة الأسد من السواد في تلك القائمة السوداء.

صحيفتا معاريف ويديعوت أحرونوت الإسرائيليتان، وكذلك صحيفة واشنطن بوست الأميركية نشرت تقارير عن ضغوط أميركية تمارسها إدارة ترامب وحكومة إسرائيل لمنع نشر القائمة السوداء، ولإخفائها في غياهب التعتيم.

ويذكرنا ذلك بما قام به الأمين العام للأمم المتحدة بمنع نشر تقرير منظمة الإيسكوا عن منظومة الأبارتهايد الإسرائيلية، رغم أن المشرف على إعداد التقرير ومحرره الرئيس كان ريتشارد فولك وهو يهودي الأصل، وعمل مفوضاً لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

غير أن حذف التقرير من موقع الأمم المتحدة، لم يزده إلا شهرة وانتشاراً، وإن كان الحذف قد ألقى ظلالاً قاتمة على مكانة الأمم المتحدة.

وإذا نجحت الضغوط الأميركية والإسرائيلية في منع نشر القائمة السوداء، فسيسيء ذلك إلى الأمم المتحدة ومكانتها أكثر، ولكنه لن يبيض القائمة السوداء ولا صفحة الشركات المذكورة فيها.

وسنعمل، مع حركات المقاطعة العالمية وكل لجان التضامن الشعبية في العالم على فضح وتعرية والدعوة إلى مقاطعة كل شركة تخرق القانون الدولي بعملها في المستعمرات الإسرائيلية، التي أقرت محكمة العدل الدولية وكل دول العالم بعدم شرعيتها، لأنها أُنشئت على أراضٍ فلسطينية محتلة.

لكن قيمة القائمة، أنها ستحدد بدقة، وبعد إعطاء المجال لكل دولة للتدقيق في أسماء الشركات الواردة فيها، ماهية أولئك الذين يجنون الأرباح على حساب استغلال أرض وممتلكات الشعب الفلسطيني.

وستكشف القائمة لاأخلاقية الاستثمارات التي يقومون بها وستعرضهم لإمكانية الملاحقة القانونية في العديد من الدول، كما قد تؤدي إلى سحب مستثمرين كثيرين لأموالهم منها.

أما ممارسة الولايات المتحدة، للضغوط لمنع نشر القائمة فستعني أنها تطبق معايير مزدوجة في بلدان مختلفة، وأن سياستها الدولية محكومة بقرارات اللوبي الإسرائيلي وأكثر أجنحة المكونات الإسرائيلية تطرفاً وعنصرية. وحيث إن معظم الشركات المعنية هي شركات عامة استثمارية فإن منع نشر القائمة سيعني المس بحقوق المستثمرين في معرفة أين وكيف تستثمر أموالهم.

ويذكرنا ذلك بالضغوط التي خضعت وتخضع لها المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية بنسودا، والتي تعطل فتح تحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، سواء فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة في قطاع غزة، أو بجريمة الاستيطان المتواصلة، أو بالجرائم التي ترتكب بحق الأسيرات والأسرى الفلسطينيين.

أغرب الحجج التي يسوقها داني دانون، ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة، أن نشر القائمة السوداء أو فتح تحقيق في جرائم الحرب أو نشر تقرير الإسكوا، لن يساعد في تسوية ما يسميه "الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي".

ولكن ما يقصده في الواقع، أن هذا النشر سيساعد على فضح وتعرية ممارسات الاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلية، مما سيساهم في تصحيح ميزان القوى، وبالتالي في الضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها وإزالة نظام الأبارتهايد العنصري الذي أنشأته وذلك هو الطريق الوحيد للسلام.

لا يجب أن ننتظر نشر القائمة السوداء، بل على كل المهتمين بالعدالة وإحقاق الحق أن يتعاونوا للإسراع في نشر أسماء كل الشركات المتورطة في خرق القانون بعملها في المستعمرات الإسرائيلية، والعمل على فرض المقاطعة عليها وإلحاق الخسارة بأرباحها، وذلك سيكون أفضل وسيلة مساعدة لضمان نشر القائمة السوداء وإفشال محاولات التعتيم عليها.

* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

back to top